الخطاطة السردية 2 - طرائق انتظام متواليات الخطاطة السردية ووظائف الخطاطة السردية
أمثلة الانطلاق
1) حمل الرجل ذو الوجه المجدور الحقيبة الحمراء، وانحدر مع شارع “سميحة”، انعطف إلى اليمين وسار بضع خطوات ثم وقف، مزق الحقيبة الجلدية بسكينه فوجد بداخلها ورقة بيضاء… ورقة بيضاء فقط وحيدة، ولا شيء آخر في الحقيبة الحمراء، بصق…. ورمى الورقة في سطل الزبل المجاور ثم طوى الحقيبة الجلدية بعناية ودسها تحت معطفه وتابع طريقه… “.
مقطع من قصة “اللوح المحفوظ” لأحمد بوزفور من مجموعته القصصية “النظر في الوجه العزيز” – منشورات الرابطة الدار البيضاء 1995 ص 112.
2) “كان زيد ثريا ثم بدر أموالا كثيرة، ومنذ ذلك الحين صار فقيرا”.
ملاحظة الأمثلة
المثال الأول
بعد قراءة وتدبر المثال الأول نجده يتكون من متواليات سردية جاءت كالتالي:
- الوضعية الأولية: (حمل الرجل الحقيبة وسار في الشارع).
- سيرورة التحول: وتبدأ بالحدث (توقف ومزق الحقيبة ليجد بها ورقة بيضاء) وتطور الحدث (بصق ورمى الورقة) والنتيجة (طوى الحقيبة).
- الوضعية النهائية (وضع الحقيبة تحت معطفه وتابع السير).
من خلال المتواليات السردية المشكلة للقصة نجد أنها تخضع لتراتبية زمنية متوالية: حمل، انحدر، انعطف، وقف، مزق، وجد، بصق، رمى، طوى، دس، تابع.
المثال الثاني
هذا المثال جاء مختصرا ومركزا بدون تفاصيل أو جزئيات ومع ذلك فهو يخضع للمتواليات سردية التالية:
- الوضعية الأولية: كان زيد ثريا.
- سيرورة التحول: بدر أموالا كثيرة.
- الوضعية النهائية: ومنذ ذلك الحين صار فقيرا.
من هنا يتبين من خلال المتواليات السردية المشكلة للقصة أنها تخضع لتراتبية زمنية متوالية تحكمها علاقة منطقية فالتبذير كان سببا في الفقر.
نستخلص من الخطاطة فائدة تحليلية تمكننا من تقسيم النص إلى متواليات سردية، نصنفها زمنيا ومنطقيا، كما تحقق الخطاطة وظيفة تركيبية تمكننا من اختزال مضمون النص وتكثيفه.
خلاصة
الخطاطة السردية تتتبع متواليات النص السردية انطلاقا من الوضعية الأولية ثم سيرورة التحول والوضعية النهائية.
والمتواليات في الخطاطة السردية نجدها تنتظم وفق طريقتين:
- طريقة التتابع الزمني: وذلك عندما تتعاقب الأحداث زمنيا عبر مشيرات تفيد الزمن.
- طريقة التلازم المنطقي: وتكون بترابط المتواليات عبر العلة أو السببية، حيث كل وضعية تنتج عنها وضعية جديدة.
وبتتبع متواليات النص السردية عبر الخطاطة السردية تتحقق عدة مزايا منها:
- التمكن من تقطيع النص تقطيعا سليما، وتركيز الأحداث في ذهن التلقي، والتعرف على العلاقات التي تربط بينها.
- تحقق وظيفة تحليلية تجعلنا نتعرف سيرورة الحدث والعناصر المتحكمة في تسلسل متوالياته زمنيا ومنطقيا.
- تحقق الوظيفة التركيبية التي تجعلنا نكثف مضمون النص واختزال وقائعه وأحداثه في مقولات مجردة ومركزة.