بحر المتقارب
بحر المتقارب
أفرده الخليل في دائرة المتفق، فلم يذكر معه المتدارك كما يفعل العروضيون من بعده. وسمي هذا البحر متقارباً “لتقارب أوتاده بعضها من بعض لأنه يفصل بين كل وتدين سبب واحد فتتقارب الأوتاد”. وقيل “لتقارب أجزائه لأنها خماسية، وقال الزجاج لتقارب أسبابه من أوتاده”.
العلل والزحاف في بحر المتقارب
المُتقاربُ بحرٌ يرتكزُ في بنائهِ على تَكرار (فَعُوْلُنْ) تلك التّفعيلة الّتي يدخلها زحافٌ واحدٌ وثلاثُ عللِ هي:
زَحافُ القبض
ويعني سُقوطَ الحرفِ الخامسِ السّاكنِ من التّفعيلة، والخامس السّاكن هنا هو (النّون)، لذا تُصبحُ التّفعيلة بسقوط النّون (فَعُولُ).
علّةُ الحَذف
وتعني سُقوطَ السّببِ الخفيفِ الأخيرِ من التّفعيلة، وهو هنا (الّلام والنّون)، وبسقوط هذا السّبب يبقى من التّفعيلةِ (فَعُو).
علّةُ القَصر
وتعني سُقوطَ آخر السّبب الخفيف الأخيرِ من التّفعيلة وتسكينَ ما قبلُه، والسّببُ الخفيفُ الأخيرُ هنا هو (لن) وآخره (النّون) وبسقُوطِها تبقى (الّلام) وهو حرفٌ مُتحرّكٌ، لذا يُسَكّنُ بعد حذف النّون فتكون التّفعيلة (فَعُولْ).
علّةُ البَتْر
وهي علّةٌ ناتجةٌ من اجتماعِ علّة الحَذف وعلّة القطع، وعلّة القطع تعني سقوطَ آخرِ الوتدِ المجموعِ وتسكينَ ما قبله. وقد رأيتَ أن (فَعُوْلُنْ) بعد الحذفِ تكون (فَعُو)، وعندَ القطعِ يسقطُ الواو وتُسكّنُ (العَين) فيبقى من التّفعيلة (فَعْ).
استنتاج
عروضُ المتقارب وضربهُ يكونان: (فَعُوْلُنْ)، (فَعُو)، (فَعُولْ)، (فَعْ). أمّا حشوُ المتقارب، فتأتي فيه (فَعُوْلُنْ) أو (فَعُولْ)، وعدد مقطاع كلٍّ منهما ثلاثة مقاطع.
أنواعُ المتقارب
مُتقاربٌ تام
تتكرّرُ فيه فعولن ثمانِ مرّاتٍ، وصيغته:
فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ ۩۩۩ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ
ومن أمثلةِ النّظمِ على المُتقاربِ التّام قول الشّاعر “الحُطيئة”:
تَحَنَّنْ عَليَّ هَدَاكَ المَليكُ ۩۩۩ فَإنَّ لِكُلِّ مَقَـــــــامٍ رِجَالًا
الخُطوةُ الأولى هي وضعُ الرّموز:
تحنّن/ عليّ/ هداكَ الـ/ مَليكُ ۩۩۩ فإنّ/ لكلِّ/ مقامٍ/ رجالًا
//ه/ه – //ه/ – //ه/ه – //ه/ ۩۩۩ //ه/ – //ه/ – //ه/ه – //ه/ه
الخطوةُ الثّانية هي حسابُ عدد المقاطع، بتحديد ما تُقابله المقاطع من تفعيلات، سنجدُ أنّ كلّ شطرٍ ينقسمُ إلى أربعِ مجموعاتٍ نُقابلُ رموزَ كلّ مجموعةٍ مع رموزِ صورِ التّفاعيل، سنجدُ أنّ:
تحنّن/ عليّ/ هداكَ الـ/ مَليكُ ۩۩۩ فإنّ/ لكلِّ/ مَقَامٍ/ رِجَالًا
//ه/ه – //ه/ – //ه/ه – //ه/ ۩۩۩ //ه/ – //ه/ – //ه/ه – //ه/ه
فَعُولُنْ – فَعُولُ – فَعُولُنْ – فَعُولُ ۩۩۩ عُولُ – فَعُولُ – فَعُولُنْ – فَعُولُنْ
مَجزوُء المتقارب
وفيه تتكرّرُ (فَعُولُنْ) ستّ مرّاتٍ وصيغته:
فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ ۩۩۩ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ
ومن أمثلةِ النّظمِ على مجزوِء المتقارب:
عَفَا اللهُ عَن ظَالمٍ ۩۩۩ أساءَ إلى مَن عَدلْ
نبدأُ بوضعِ الرّموز:
عَفَا الل/ هُ عَن ظَا/ لمٍ ۩۩۩ أساءَ/ إلى مَن/ عَدلْ
//ه/ه –//ه/هء //ه ۩۩۩ //ه/ – //ه/ه – //ه
كلّ شطرٍ يُقابلُ ثلاثَ مجموعاتٍ، نُقابلُ رموز كلّ مجموعةٍ مع رموزِ صورِ التّفاعيل:
عَفَا الل/ هُ عَن ظَا/ لمٍ ۩۩۩ أساءَ/ إلى مَن/ عَدلْ
//ه/ه –//ه/هء //ه ۩۩۩ //ه/ – //ه/ه – //ه
فَعُولُنْ – فَعُولُنْ – فَعُو ۩۩۩ فَعُولُ – فَعُولُنْ – فَعُو
الخُلاصة
للمتقارب نوعان
- المتقارب التّام، وصورتُه: فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ ۩۩۩ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ
- مجزوءُ المتقارب وصورتُه: فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ ۩۩۩ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ فَعُوْلُنْ
أمّا التّغييراتُ الّتي تطرأُ على تفعيلتِهِ فهي:
زَحافٌ واحدٌ هو القبض، يُحيلُ التّفعيلة إلى (فَعُولُ).
ثلاثُ عِلَلٍ هي:
- الحذف ويُحيلها إلى (فَعُو).
- القصرُ ويُحيلها إلى (فَعُولْ).
- البترُ ويُحيلها إلى (فَعْ).