الشطر الأول من سورة ق - الآية 1 إلى 15 (في رحاب التربية الإسلامية)
مدخل تمهيدي
استعرض الله تعالى في هذا المقطع من “سورة ق” الحجج التي جاء بها المشركون لإنكار وقوع البعث والنشور، ثم ذكرهم بالأدلة والبراهين العقلية على ثبوتهما، وبين تهافت أدلتهم في نكرانهما مع الدعوة إلى التأمل في بديع صنع الله وعظمته في خلقه.
- فما هي الحجج التي استدل بها الكافرون؟
- وما هي الأدلة العقلية التي رد الله بها عليهم؟
- ثم من هم بعض الأقوام الذين استحقوا عذاب الله تعالى؟
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴿1﴾ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴿2﴾ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ۖ ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴿3﴾ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ۖ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴿4﴾ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ﴿5﴾ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴿6﴾ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿7﴾ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴿8﴾ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴿9﴾ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴿10﴾ رِزْقًا لِلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ ﴿11﴾ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ﴿12﴾ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴿13﴾ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴿14﴾ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ۚ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿15﴾ [سورة ق، من الآية: 1 إلى الآية: 15] |
توثيق النص ودراسته
التعريف بسورة ق
سورة ق: مكية إلا الآية 38 فمدنية، عدد آياتها 45 آية، ترتيبها 50 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة المرسلات”، سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى أقسم فيها بحرف القاف، وهو أحد الحروف المقطعة التي ابتدأت بها بعض السور، وهي حروف استأثر الله بعلمها، تعالج السورة أصول العقيدة الإسلامية الصحيحة، لكن المحور الذي تدور حوله السورة هو موضوع البعث والنشور.
الرسم المصحفي
نلاحظ أن حرف الميم المسطر تحتها في كلمتي ﴿مُنذِرٌ مِّنْهُمْ﴾ و﴿مَاء مُّبَارَكًا ﴾ جاءت مشددة للدلالة على إدغام التنوين في الميم الأولى المتحركة في كلمة ﴿مِّنْهُمْ﴾، وإدغام التنوين في الميم المتحركة من كلمة ﴿مُّبَارَكًا﴾.
القاعدة التجويدية: قاعدة الإدغام
الإدغام: لغة الإدخال والمزج، واصطلاحا: إلتقاء حرف ساكن بحرف متحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا من جنس الثاني، وحروفه ستة، مجموعة في كلمة: “يرملون”، مثال: ﴿عبدٍ مُنيب﴾، ﴿أمرٍ مَريج﴾.
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- ق: أحد الحروف المقطعة التي لا يعلم سرها إلا الله عز وجل.
- والقرآن المجيد: الواو للقسم، القرآن المجيد: أي الكريم.
- المجيد: العظيم.
- منذر: رسول يحذرهم من عذاب يوم القيامة.
- أئذا متنا وكنا ترابا: أئذا متنا وصرنا رفاة وعظاما نخرة أنرجع أحياء؟
- كتاب حفيظ: كتاب المقادير الذي قد كتب فيه كل شيء.
- بل كذبوا بالحق: بل كذب المشركون بالنبوة المحمدية وبالقرآن.
- بنيناها وزيناها: شيدناها بلا عمد وزيناها بالكواكب.
- مددناها: بسطناها.
- زوج بهيج: صنف حسن المنظر.
- ماء مباركا: المطر كثير البركة.
- الحصيد: المحصود من البر والشعير.
- باسقات: الطوال العاليات.
- نضيد: ثمرها متراكب بعضها فوق بعض.
- رزقا للعباد: قوتا للعباد ورزقا لهم.
- الخروج: البعث والنشور.
- الرس: بئر، وهم بقية من ثمود دسوا نبيهم فيها.
- ثمود: أصحاب الحجر وقوم صالح.
- عاد: قوم هود.
- أصحاب الأيكة: الأيكة هي الشجر الكثير الكثيف، وهم قوم شعيب.
- قوم تبع: قوم تبع الحميري اليمني.
- كل قد كذب الرسل: أي كل من ذكر قد كذب الرسل، فلست وحدك المكذَّب يا محمد.
- فحق وعيد: وجب وعيدي لهم بنزول العذاب عليهم.
- أفعيينا بالخلق الأول: أفعيينا بخلق الناس أولا فكيف نعيى بخلقهم ثانية وإعادتهم كما كانوا؟
المعنى الإجمالي للشطر القرآني
تبيان الشطر القرآني لحقيقة البعث والجزاء ومدى إنكار المشركين له، مبينا عز وجل دلائل عظمته وعجائب قدرته على الخلق، كما عرج سبحانه على ذكر الأمم السابقة وما لقته من العذاب جراء نكرانها وجحودها.
المعاني الجزئية للآيات
- الآيات 1 – 5: إنكار المشركين للبعث والنشور وبيان حججهم في ذلك.
- الآيات 6 – 11: الرد على المنكرين للبعث ودعوته سبحانه للنظر في عظمة الكون، وبيانه لمظاهر قدرته تأكيدا على وقوع البعث.
- الآيات 12 – 15: تذكيره تعالى كفار مكة بما لحق بالأقوام السابقة بعد إنكارهم للبعث والنشور أن يحل بهم ما حل بغيرهم.
الدروس واالعبر المستفادة من الآيات
القيم والعبر المستفادة من النص ألقراني
- القرآن الكريم كثير الخير والمنفعة، عظيم المجد والقدر والرفعة.
- إن الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
- علم الله تعالى الشامل (يعلم مصير الأجساد).
- ليس أول الخلق بأهون على الله تعالى من إعادته.
- استحضار الإيمان بالبعث والجزاء يردعنا عن الشر والظلم، وخير معين على الاستقامة والصلاح.
توظيف المستخلص وربطه بقضايا الواقع
يوم البعث والنشور حق لا ريب فيه، لذا وجب الحرص والاستعداد لهذا اليوم المليء بالأهوال، وذلك بتوحيد الله تعالى في الربوبية والعبودية وفي كل شيء، كما وجب الحرص على فعل الخيرات وترك المعاصي ابتغاء مرضاة الله تعالى.