الصورة الشعرية - وظائفها 2 (التخييلية)

الأمثلة

قال الشاعر عمر أبو ريشة:

مَأْتمُ الشمْسِ ضَج في كَبِدِ الأُفْـــ  ۩۩۩  ـــقِ وأهوى بطَعْنَةٍ نجْـــــــــلاءِ
فَأطَلتِ مِنْ خِدرِها غَادَةُ الليْــ  ۩۩۩  ــل وتاهَتْ في مَيْسَةِ الخُيَلاءِ

ملاحظة الأمثلة

الصورة هنا تعبر عن الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر، نفسية محزونة يغيب فيها النهار بطريقة مأساوية ويزحف الليل متبخترا.

فالصورة هنا جاءت كلية تجمع بين ما هو محسوس: غروب الشمس وقدوم الليل، وما هو معنوي: حالة الحزن والموت (مأتم وطعنة).

وقد لعب خيال الشاعر دورا كبيرا في العملية التخيلية التي حولت ظاهرة فيزيائية طبيعية إلى حالة إنسانية مأساوية تهزم فيها الشمس بطعنة قاتلة أمام جبروت الليل وخيلائه.

فالصورة تجاوزت المعنى المباشر للألفاظ “مأتم، الشمس، كبد، غادة، الليل” إلى معنى دلالي مجازي تحكم في تركيبه خيال الشاعر.

فالشاعر تجاوز الوصف المباشر لصورة الغروب إلى وصف ذاتي يكشف عن رؤيته الخاصة للظاهرة الطبيعية، مما يتطلب من المتلقي التخيل ليعيش تجربة الشاعر ويفهم مغزاها، فالغروب مأتم والشمس قتيلة والليل غادة.

خلاصة عامة

إضافة إلى الوظيفة النفسية أوالوظيفة التأثيرية التي تؤديها الصورة الشعرية هناك أيضا الوظيفة التخييلية التي تعتمد على قدرات الشاعر التخيلية في الاستحضار والتركيب بين عناصر طبيعية وأخرى إنسانية.

مفهوم الوظيفة التخييلية

الصورة الشعرية في وظيفتها التخييلية تكون مشتركة بين الشاعر المبدع الذي حول اللغة إلى تعبير مجازي، والمتلقي الذي يقوم بعملية تأويل اللغة لفهم مغزاها وأبعادها الدلالية.

وتعتمد الصورة الشعرية في وظيفتها التخييلية على نوعين من الخيال:

  • خيال استرجاعي: يعتمد على ذاكرة الشاعر في استرجاع صور متراكمة في ذهنه.
  • خيال توليدي: ويكون من إبداع الشاعر، ينجز صورا غير مسبوقة تتجاوز المألوف من الصور.

أهمية الوظيفة التخييلية

  • الصورة الشعرية تحول مظاهر العالم الخارجي إلى تجارب إنسانية تتداخل فيها ذات الشاعر بعناصر الطبيعة.
  • الصورة الشعرية تتجاوز الأبعاد المادية إلى ما تمثله من أبعاد روحية تعكس أحاسيس الشاعر ويتفاعل معها المتلقي
  • الصورة الشعرية تتجاوز حدود المعنى المباشر إلى ما تولده من معاني خاصة برؤية الشاعر.