حق الغير: العفة والحياء - الدرس
الوضعية المشكلة
نعيش في زمن إلتبست فيه المفاهيم، وعزت فيه القيم والأخلاق، ورفعت فيه العفة والحياء لدى البعض، حتى صرنا نرى العري والتبرج والسفور شيء طبيعي في المجتمع، والعلاقات الغرامية المحرمة بين الذكور والإناث أمر عادي وحرية شخصية للفرد، وربما تجد أسرة مكونة من الأب والأم والأولاد تشاهد أفلاما ومسلسلات مخلة بالآداب والأخلاق الإسلامية دون حياء أو خجل.
- فما مفهوم العفة والحياء في الإسلام؟
- وما هي تجلياتهما؟
- وما دور العفة والحياء في تحصين المجتمع من هذه الرذائل والسلوكات المنحرفة؟
النصوص المؤطرة للدرس
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾. [سورة يوسف، الآية: 32] عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى». [صحيح مسلم] عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الْـحَيَاءُ». [موطأ الإمام مالك، كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الحياء] |
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- فاستعصم: طلب العصمة والحماية من الوقوع في الفاحشة.
- العفاف: من العفة وهي الكف والامتناع عن الحرام.
- الغنى: الاستغناء بالله عن الغير.
- الحياء: الحشمة والوقار.
مضامين النصوص الأساسية
- توضيح الآية الكريمة مدى عفة و حياء يوسف عليه السلام أمام مراودة زوجة العزيز.
- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ربه بالهداية والتقوى والعفة والاستغناء بالله عما سواه.
- تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية خلق الحياء في الإسلام.
مفهوم العفة وتجلياتها
مفهوم العفة
العفة: لغة: الابتعاد والكف والامتناع عن الشيء، واصطلاحا: حصول حالة للنفس تمتنع بها عما لا يحل قولا كان أو فعلا، وتأتي بمعنى البعد عن المحرمات والفواحش وكل ما يضر بالإنسان.
أنواع العفة
- عفة النفس: حصانة داخلية تحصل بالتربية على الفضيلة والنزاهة.
- عفة الجوارح: صرف الجوارح كلها عن المحرمات وتسخيرها في عمل الصالحات.
- عفة البطن: الابتعاد عن أكل الحرام، فكل لحم نبت من حرام فالنار أولى به.
- عفة الفرج: الابتعاد عن الزنا، والممارسات الجنسية الشاذة.
تجليات العفة
- القناعة بما رزق الله.
- الصدق وتجنب الغش والكذب.
- الكسب الحلال وتجنب الحرام.
- تجنب الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
- تجنب التبرج وإظهار المفاتن.
- عدم الانسياق وراء الغرائز والشهوات.
- التحلي بالآداب والقيم الإسلامية.
مفهوم الحياء وتجلياته
مفهوم الحياء
الحياء: لغة: الحشمةـ واصطلاحا: هو انقباض النفس عن القبائح والفزع منها، هيبة من الله تعالى، وإجلالا لنظره، وخوفا من التعرض لمقته، وتعظيما للمولى ومحبته ومراقبته.
أنواع الحياء
- حياء فطري: وهو حياء غريزي وشعبة من شعب الإيمان يولد مع الإنسان (والحياء شعبة من الإيمان)
- حياء مكتسب: وهو ناتج عن ما اكتسبه المسلم من معارف قربته من الله ومن طاعته مثل حياء عثمان رضي الله عنه.
تجليات الحياء
- شيوع ثقافة الاحترام والحشمة والوقار.
- الالتزام بقيم الحياة الجميلة.
- تجنب الوقاحة والخسة والنذالة.
- حسن المعاشرة ودوام العلاقة.
علاقة العفة والحياء في القول والعمل
العلاقة بين العفة والحياء علاقة وثيقة جدا حتى يظن البعض أنهما بمعنى واحد، فالعفة تعد أمهات الفضائل، والحياء فرع من فروعها، وله دور في ثبات العفة وشدتها لدى الإنسان، وهذا ما أشار إليه على بن ابي طالب حيث قال: «على قدر الحياء تكون العفة»، وبهذا فكل منهما كمالا للأعمال ومحاسن الخصال مصداقا لقوله: «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ»، وبذلك فالحياء إحدى ثمرات العفة كما قال على بن أبي طالب: «أصل المروءة الحياء وثمرته العفة».
العفة والحياء أساس تحصين الفرد والمجتمع
لا يقوم مجتمع نقي صالح حتى تحتل فيه القيم الإسلامية منزلتها الرفيعة في سلوك الفرد والمجتمع، وأساس هذه القيم العفة والحياء فهي من مقومات المجتمع الإسلامي الصالح، حيث أنهما:
- تأمين وسلامة للمجتمع من تفشي الأمراض والآفات، وحصانة له من الفاحشة والرذيلة، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾.
- سياج رادع لكل انحلال أخلاقي وصمام للأمن والأمان إزاء الكوارث الخلقية المنتشرة اليوم.
- تشجيع لأفراد المجتمع على التقوى والكف عن الانقياد وراء شهوات النفس وأهوائها، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.