حق الله: الوفاء بالأمانة والمسؤولية - الدرس
الوضعية المشكلة
قبيل كل انتخابات يتقدم عدد من المرشحين لتحمل المسؤولية، ويعدون الناخبين بمجموعة من العهود والالتزامات، لكن بعد أن ينالوا ثقة الناخبين ويتحملون المسؤولية يتنكرون لما التزموا به، ويستهينون بالمسؤولية التي تحملوها.
- في نظركم لم لا يفي هؤلاء بالتزاماتهم؟
- وما مفهوم الأمانة؟ وما معنى المسؤولية؟ وما حكمهما؟
- وما مظاهر الوفاء بالأمانة والمسؤولية؟
النصوص المؤطرة للدرس
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾. [سورة يوسف، الآيلا: 54 – 57] قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾. [سورة الإسراء، الآية: 36] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ، وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ، وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [صحيح البخاري، كتاب: النكاح] |
توثيق النصوص والتعريف بها
التعريف بسورة الإسراء
سورة الإسراء: مكية ماعدا الآيات: 26، 32، 33، 57، ومن الآية 73 إلى الآية 80 فمدنية، عدد آياتها 111 آية، ترتيبها 17 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة القصص”، سميت بهذا الاسم إحياء لمعجزة الإسراء التي خص الله تعالى بها نبيه الكريم، وهي من السور التي تهتم بشئون العقيدة، لكن العنصر البارز في هذه السورة الكريمة هو شخصية الرسول ﷺ وما أيده الله به من المعجزات الباهرة والحجج القاطعة الدالة على صدقه ﷺ.
التعريف بعبد الله بن عمر
عبد الله بن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ويكنى بأبي عبد الرحمن، صحابي جليل، وعالم من علماء الصحابة، ولد قبل البعثة بعام، وهو من أكثر الصحابة اقتداء بالسنة النبوية، ومن المكثِرين رواية للحديث الشريف، حبث روى 2630 حديثا، توفي في مكة سنة 73هـ.
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- استخلصه لنفسي: اجعله خالصا لنفسي دون غيري.
- مكين أمين: صاحب مكانة ومؤتمن على كل شيء.
- خزائن: جمع خزينة، أي بيت المال.
- إني حفيظ عليم: أي أحافظ على ما تسنده إليّ، عليم بتدبيره.
- يتبوأ منها: يشغل، يتخذ مقاما.
- لا تقف: لا تقل ولا تتكلم.
- الفؤاد: القلب وقيل الفؤاد ليس القلب.
- راع: الحافظ الذي يحوط ما يرعاه بالحماية.
- مسؤول: محاسب والمسؤول: المنوط بعمل تقع عليه تبعاته.
- رعيته: الشيء المرعي بالرعاية التي هي الحفظ والأمانة.
مضامين النصوص الأساسية
- تبوء يوسف عليه السلام مكانة الأمين على بيت المال بطلب منه بعد تقريب الملك له إليه لأمانته وتقواه.
- الجوارح أمانة ومسؤولية سوف نسأل عنها يوم القيامة.
- تنبيه الرسول ﷺ المسلمين إلى مسؤولية كل واحد منهم على ما اؤتمن عليه من حقوق الغير.
ميزة الحقوق في الإسلام
الحقوق في الإسلام تشمل حق الله وحق الغير وحق النفس، ومن ميزة هذه الحقوق: أنها حق لله تعالى، بمعنى أنه ليس للإنسان الحرية في أداء هذه الحقوق أو تركها بل واجب عليه أداءها، وهو محاسب على التفريط فيها أو تضييعها، وفي قصة سَلْمَان الفارسي المشهورة مع أبي الدرداء رضي الله عنهما، أن سلمان قال له: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأِهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى (أبو الدرداء) النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ» صحيح البخاري.
مفهوم الوفاء والأمانة والمسؤولية
مفهوم الوفاء وأهميته
مفهوم الوفاء
الوفاء: لغة: إكمال وإتمام الأمانة والمسؤولية، وهو ضد النقض والإخلال، واصطلاحا: اتمام واكمال ما طلب منك او التزمت به لغيرك او تحملته من مسؤولية وحفظك الامانة والعهود والمواثيق.
أهمية الوفاء
الوفاء قيمة إنسانية نفيسة وعظيمة، فهو درة في عقد جيد مكارم الأخلاق، والوفاء من خصائص ما اختص به الإنسان، ولولا الوفاء لتنافرت القلوب وارتفع التعايش.
مفهوم الأمانة
الأمانة: لغة: ضد الخيانة، وتفيد الثقة وزوال الخوف، وتطلق على الوديعة وكل ما يؤتمن عليه الإنسان، واصطلاحا: كل حق لزمك أداؤه وحفظه من دين أو مال أو عرض أو أهل أو شأن عام. وقيل: هي التعفف عما يتصرف الإنسان فيه من مال أو غيره، وما اؤتمن عليه من الإعراض، ورد ما يستودع عنده إلى أهله.
مفهوم المسؤولية
المسئولية: لغة: صفة مشتقة من السؤال، أي المحاسبة وكل ما كلف به الإنسان مسؤولية، واصطلاحا: صفة تخص كل مسلم عاقل بالغ مكلف ومسؤول عن ما كلف به ويتحمل تبعاته، والمسؤولية خصوصية بشرية يمتاز بها العنصر البشري عن جميع المخلوقات.
الأمانة والمسؤولية: الأنواع والتجليات
- الدين: الدين أمانة ومسؤولية، وواجب على الإنسان تحمل هذه الأمانة الكبرى أداء وبلاغا، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا﴾. سورة الأحزاب، الآية: 72.
- الجوارح: جوارح الإنسان كلها أمانة ومسؤولية في عنق الإنسان، يجب تسخيرها في طاعة الله وليس في معصيته، قال تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾. سورة الإسراء، الآية: 36.
- الأسرة: الأسرة أمانة ومسؤولية فحفظها ورعايتها وتربيتها أمانة في عنق الزوجين كل من موقعه، قال ﷺ: « وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
- العمل: العمل الذي وكل به الإنسان أمانة ومسؤولية، وعدم أدائه بصدق وإخلاص ونزاهة خيانة كبرى ومؤذنة بالخراب والدمار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟. قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».
- الوديعة: وهي ما يستأمنك عليها الغير من مال أو نحوه، وهي أمانة ومسؤولية قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾. سورة النساء، الآية: 58.
الوفاء بالأمانة والمسؤولية أساس نشر الثقة وشرط نماء المجتمع وصلاحه
الوفاء بالأمانة والمسؤولية أساس نشر الثقة بين الناس
المجتمع الذي يتميز أناسه بالوفاء بالأمانة والمسؤولية تسود فيه المحبة والثقة بين أفراده، مما يجعلهم يعيشون في راحة واطمئنان وسلام وأمان، عكس المجتمع الذي تكثر فيه الخيانة والغش وعدم النزاهة، حيث تفقد الثقة والمحبة بين أفراده مما يجعله يعيش في تنافر وخلاف.
الوفاء بالأمانة والمسؤولية شرط نماء المجتمع وصلاحه
لا يمكن لمجتمع أن ينمو ويتقدم ويصلح ويسير على الطريق الصحيح ما لم يكن وفيا بالأمانة والمسؤولية، وما نراه الآن في واقعنا من تدهور وفساد في كثير من المجالات ما هو إلا نتيجة لعدم الوفاء بالأمانة والمسؤولية.