الشطر الثالث من سورة يوسف - من الآية 43 إلى الآية 57
الوضعية المشكلة
تطرقنا في الشطر الثاني من سورة يوسف لمحنة سيدنا يوسف عليه السلام مع زوج العزيز وكيد النسوة له، وكيف تولاه الله بالرعاية فاستجاب لدعوته لكي لا يضعف أمام مراودة زوج العزيز، ليلبث في السجن بضع سنين.
- فما المحنة الأخرى التي سيمر بها؟
- وماذا كان يفعل داخل السجن؟
- وهل فعل الصواب بطلبه من صاحبه بتذكير عزيز مصر به؟
- وما السر الرباني من بقائه في السجن؟
- وكيف كان سبب خروجه؟
- وما جزاء المحسن من الله ومن الملك؟
- وما العلم الذي أتاه الله؟
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ققَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾. [سورة يوسف، من الآية: 43 إلى الآية: 57] |
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- الصديق: من الصدق وهي صفة يوسف عليه السلام.
- سبع عجاف: بقرات ضعاف نحاف.
- أضغاث أحلام: أحلام مختلطة لا تفسير لها.
- حصحص الحق: ظهر وانكشف.
- لم أخنه بالغيب: لم أخنه مع زوجته في غيبته.
المعنى الإجمالي الشطر القرآني
يستخلص من هذا الجزء عناية الخالق بنبيه وتخليصه مرة أخرى من محنته وجعل رؤيا الملك سببا في جلاء براءته وإشراقتها في أرجاء القصر مما زاده تعظيما في عيني الملك لينصبه على خزائن الأرض، ليطبق بذلك علم التخطيط والتدبير لينقد مصر والشعوب المجاورة من المجاعة.
المعاني الجزئية للشطر القرآني
المقطع الأول: الآيتان 43 – 44
دعوة الملك مستشاريه وخدمه إلى تفسير رؤياه المزعجة، وبعد عجزهم عن تفسيرها اعتبروها أضغاث أحلام.
المقطع الثاني: الآيات 45 – 49
تفسير يوسف عليه السلام لرؤيا الملك من السجن دون شرط بعد أن تذكره السجين الذي نجا من الإعدام.
المقطع الثالث: الآيات 50 – 53
اشتراط يوسف عليه السلام لقبول دعوة الملك الخروج من السجن التحقيق في شأن النسوة لإثبات براءته، وهو ما أكدته امرأة العزيز حين اعترفت بذنبها واستغفرت ربها.
المقطع الرابع: الآيات 54 – 57
براءة يوسف عليه السلام وتمكين الله له بتولي خزائن مصر لما فيه من صفات الحفظ والعلم.
الدروس والعبر المستفادة من الآيات
- الاستغاثة والاستعانة لا ينبغي أن تكون إلا برب العالمين.
- على المؤمن أن يتجمل ويصبر على ما يلاقيه من أذى وفتن وتهم في سبيل دينه ودعوته، حتى ينصره الله ويظهر براءته أمام الملأ.
- لا يجوز للمؤمن مهما كان تقيا نقيا أن يزكي نفسه، فنفس أي إنسان معرضة للفتنة وللمعصية إلا إذا رحم الله عز وجل هذه النفس، فيزكيها ويطهرها ويحفظها.
- الإسلام يرفض التواكل ويدعو إلى استخدام أدق الأساليب وأرقاها في الإنتاج والتدبير.
- التخطيط في التصور الإسلامي يعني التفكير الجاد لتدبير المشاريع المستقبلية واتخاذ كل الأسباب المشروعة لتحقيقه مع التوكل على الله.
- تعبير الرؤى علم نابع من صفاء الروح وقوة الفراسة اختص الله به يوسف عليه السلام.
- الثبات على الموقف حتى يتحقق الإنصاف يحقق الرفعة والمكانة العالية.