الإنسان ومشاكل الهجرة - التمارين

يُبين التوزيع المهني والقطاعي للجالية المغاربية في أوربا أنها تنتسب في معظمها إلى الشرائح الاجتماعية الأقل حظا في أوربا، وهو ما يفسر إلى حد ما ظروف العيش القاسية التي يعيشها المغاربيون بحكم ضعف دخلهم واستفحال البطالة في صفوفهم خاصة بعد فترة الركود الاقتصادي التي مرت بها أوربا في السنوات الأخيرة، وسياسة إعادة هيكلة الصناعة في جل البلدان الأوربية، فالتركيبة المهنية للمهاجرين المغاربيين في أوربا، وتوزيعهم على القطاعات الاقتصادية، وانتسابهم إلى الشرائح الاجتماعية الأقل دخلا هي من الأسباب التي تدعو إلى الانشغال.

ومما زاد في أسباب الانشغال التحول النوعي الذي طرأ على الهجرة منذ أن تم توقيفها بصفة رسمية بأوربا في منتصف السبعينيات، فأول تحول بعد إقرار توقيف الهجرة هو أنها أصبحت تتم عن طريق التجمع العائلي...ويتمثل التحول النوعي الثاني في ظاهرة الهجرة المقنعة التي تعود أسبابها إلى عوامل اقتصادية، خاصة حاجيات أسواق الشغل بأوربا إلى عمال أجانب لعدم إقبال العمال الأوربيين على بعض الأشغال إما لقساوة ظروف العمل، أو لضعف الأجر، ولعدم الاستقرار إلى جانب ما يحتاج إليه القطاع غير المنظم من يد عاملة رخيصة.

ونتج عن ظاهرة التجمع العائلي تغير هام في تركيبة الجالية المغاربية التي أصبحت تضم أجيالا مختلفة، فانقسمت واختلفت مشاكلها وتشبعت في دول المنشأ أو الإقامة.

إن الجيل الثاني والثالث يمثلان أبناء المهاجرين المولودين بالخارج، وهم بالأساس مواليد السبعينيات وما بعدها الذين يعدون نسبة 81%. إلا أن الجيلين الثاني والثالث لا يعنيان فقط هؤلاء المواليد، بل يمكن أن نعتبرهم أولئك الذين ولدوا بواسطة الزواج المختلط بين المغاربي والأجنبية، وبين المغاربية والأجنبي، وبين المغاربيين فيما بينهم.

خميس طعم الله، "الهجرة المغاربية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأوربا"
مجلة دراسات دولية، ع. 63، يوليوز 1997، ص 34-35