مهارة التعقيب والتعليق
تقديم
الحجاج: أسلوب استدلالي يستعمله المرء للدفاع عن وجهة نظره أو فكرة معينة قصد إقناع شخص أخر أو جماعة، وذلك بتوظيف أساليب الحجاج من تأكيد أو نفي أو غيرها ...، وكذا بالاعتماد علي دلائل وبراهين.
خطاب الحجاج: هو عمل عقلي يرتبط بمجال التواصل الإنساني وتبادل الخطاب الفكري والثقافي. فهو مجال لالتقاء وجهات نظر متعارضة يعتمد في عرضها على عمليات عقلية استدلالية بهدف التأثير والإقناع تأييدا أو تفنيداً.
أنشطة الاكتساب
التعريف بمهارتي التعقيب والتعليق وخطواتهما الإجرائية
- التعقيب: هو الرد على فكرة الآخر بتأييدها أو بمعارضتها، مع تدعيم ذلك بالحجج والبراهين والأدلة المناسبة.
- التعليق: هو عرض فكرة الآخر بأسلوب آخر عن طريق شرحها وتوضيحها وتفسيرها.
نص الانطلاق
قال قاسم أمين: «قرأت في كتب بعض الفقهاء أنهم يعرفون الزواج بأنه: "عقد يملك به الرجل بضع المرأة" وما وجدت فيها كلمة واحدة تشير إلى أن بين الجوج والزوجة شيئا غير التمتع (...) وكلها خالية من الإشارة إلى الواجبات الأدبية التي هي أعظم ما يطلبه شخصان مهذبان لبعضهما. وقد رأيت في القرآن الشريف كلاما ينطق على الزواج، ويصح أن يكون تعريفا له، ولا أعلم أن شريعة من شرائع الأمم التي وصلت إلى أقصى درجات التمدن جاءت بأحسن منه، قال تعالى: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾. والذي يقارن بين التعريف الأول الذي فاض من علم آلفقهاء علينا، والتعريف الثاني الذي نزل من عند الله، يرى بنفسه إلى أي درجة وصل انحطاط المرأة في رأي فقهائنا، وسرى منهم إلى عامة المسلمين». قاسم أمين «الأعمال الكاملة» بتصرف. |
التعقيب: النص المساعد الأول: الكتاب المدرسي (المختار في اللغة العربية) ص 97
- أطروحة الفقهاء: الزواج عقد امتلاك الرجل لبعض المرأة (المتعة).
- موقف قاسم أمين من الأطروحة: يعارض قاسم أمين رأي الفقهاء بدعوى تركيزه على المتعة في الزواج.
- حجة موقف الكاتب: قول آلله تعالى: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.
- الأطروحة البديلة: اعتبار الزواج بالصيغة التي جاء بها القرآن الكريم في الآية السابقة.
- الحجة على صحة الأطروحة البديلة: إن رأي الفقهاء يحط من شأن وقيمة المرأة، أما النص القرآني فيكرمها ويرفع من شأنها في مؤسسة الزواج.
التعليق: النص المساعد الثاني: الكتاب المدرسي (الأساسي في اللغة العربية) ص 50
- الأطروحة الضمنية: تعتبر اسرائيل أن إقامة الجدار العازل وسيلة لضمان أمنها.
- تعليق الكاتب (القراءة التأويلية): تسعى اسرائيل إلى محاولة محاصرة الشعب الفلسطيني داخل سجن كبير.
- حجة المعلق: الجدار العازل لن يضمن لإسرائيل أمنها.
- الأطروحة البديلة: ارجاع الحقوق للشعب الفلسطيني هو الكفيل بضمان أمن اسرائيل.
- الحجة على مصداقية الأطروحة البديلة: قدرة الفلسطينيين على اختراق الجدار وتهديد أمن الصهاينة ثم تكذيب خرافة التفوق العسكري الصهيوني.
استنتاج
التعقيب: هو الرد على فكرة الآخر بتأييدها أو بمعارضتها، مع تدعيم ذلك بالحجج والبراهين والأدلة المناسبة. عناصره هي: الأطروحة أو الموقف أو الرأي. من مواقف التعقيب:
- الحجة أو الحجج الداعمة للموقف.
- الأطروحة البديلة.
- الحجة أو الحجج الداعمة للأطروحة البديلة.
التعليق: هو عرض فكرة الآخر بأسلوب آخر عن طريق شرحها وتوضيحها وتفسيرها. عناصره هي:
- الأطروحة الضمنية أو الصريحة.
- القراءة الشخصية لها (التأويل الشخصي).
- الحجة أو الحجج الداعمة للقراءة الشخصية.
- الأطروحة البديلة.
- الحجة أو الحجج الداعمة للأطروحة البديلة.
خطوات المهارة
عرض فكرة الآخر
ويكون ذلك بطريقتين:
- الطريقة المباشرة: حيث تقدم فكرة الآخر حرفيا كما هي بأسلوبه الخاص، وتضع كلامه بين مزدوجتين بعد التمهيد لذلك بعبارة من قبيل: يعتقد – يزعم – يرى – يظن ،... كأن تقول مثلا: يرى بعض الناس أن «التلفاز يشجع السلبية لدى الطفل حيث يقدم له الأفكار الجاهزة، فيشعر الطفل بالكسل».
- الطريقة غير المباشرة: وتسمى أيضا الطريقة الضمنية، وفيها نعرض رأي الآخر بأسلوبنا الشخصي، وهنا نحتفظ فقط بالمضمون بينما نغير الشكل أو الأسلوب،كأن نقول مثلا: يعتقد بعض الناس أن للتلفاز سلبيات تترك أثرا واضحة المعالم على تفكيره وسلوكه وتصرفاته ...
عرض الحجج والبراهين
في هذه الخطوة نقدم أحد الأنواع التالية من الحجج والبراهين:
- حجج مؤيدة لفكرة الآخر: (إن كنا نوافقه الرأي).
- حجج معارضة لفكرة الآخر: (إن كنا نخالفه الرأي).
- حجج مؤيدة ومعارضة في نفس الوقت: (إن كنا نوافقه في جزء من رأيه، ونخالفه في جزء آخر).
عرض الرأي الخاص
في خاتمة الموضوع نعبر عن وجهة نظرنا في فكرة الآخر، وتكون وجهة النظر هذه بمثابة: استنتاج عام أو خاص أو خلاصة لما سبق.
نماذج للتطبيق والاستئناس
النموذج الأول
اكتب تعليقا على رأي اتهم حضارتنا بالانغلاق، وتبين من خلاله أن الحضارة العربية الإسلامية ساهمت في تقدم الأمم، وتفاعلت معها.
لطالما اتُهمت حضارتنا بالانغلاق وعدم الانفتاح على العالم، ويرى أصحاب هذا الرأي أن حضارتنا الإسلامية ظلت منذ نشأتها حبيسة حدودها الجغرافية، رافضة أي اتصال من أي نوع كان بغيرها من الحضارات الأخرى. وأنا – بوصفي منتمية لهذه الحضارة التي أعتز وأفتخر بالانتماء إليها – أستغرب كيف يطلق هؤلاء مثل هذا الاتهام الباطل والادعاء الكاذب الذي لا أساس له من الصحة، فهل عاش
هؤلاء يوما في حضارتنا، أم أنهم كانوا من المؤسسين لها؟! هل اطلع هؤلاء على تاريخ هذه الأمة الإسلامية التي نالت شرف الأفضلية على باقي الأمم لقيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصداقا لقوله تعالى: ُ ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾؟ وهل أدرك هؤلاء أن احتفاظنا بهذا الشرف رهين بانفتاحنا على الناس وتوجيههم وإرشادهم ودعوتهم إلى الخير العام. إذا كيف يمكن أن ننغلق وديننا الحنيف يدعونا إلى هذا الأمر العظيم. بل أكثر من ذلك يحثنا على التعاون والتعايش مع غيرنا من أهل الديانات السماوية الأخرى. ألم يعلموا بأن انفتاحنا عليهم هو السبب في تقدمهم وتطورهم؟ وإلا فعلى أي أساس بنوا حضارتهم التي يشهد التاريخ
بأنها اعتمدت بشكل كبير على الحضارة الإسلامية التي أخذت منها كافة العلوم والمعارف الإنسانية وقام الأوربيون بتطويرها ليصلوا بفضلنا إلى ما وصلوا إليه من تقدم وازدهار.
وعلى ضوء ما سبق، أقول لكل من يتهم الحضارة الإسلامية بالانغلاق: مردود ولا أساس له من الصحة، لأن هذه الحضارة العظيمة ظلت منفتحة على أرجاء العالم على مر العصور، وما تزال كذلك إلى الآن. .
النموذج الثاني
دأب بعض المفكرين على اتهام حضارتنا بالانغلاق ورميها بكل الأوصاف السلبية إما جهلا بتاريخها أو بسبب الحقد والكراهية، وزعموا أن تأخرنا عن ركب الأمم المتقدمة وعجزنا عن التطور يعزى إلى انغلاقنا على أنفسنا.
ومهما كان زعمهم فأنا أعارض رأيهم معارضة تامة، لذلك أجده يستحق الرد، وهذا ما سأقوم به في هذا العرض. لكن قبل ذلك لا بأس من التعريف بالحضارة. فهذا المفهوم يعني ما وصل إليه العقل البشري من إنجازات تشمل كل الميادين. فإن كان هذا الأمر يصدق على الحضارة الإسلامية فلماذا لا يقرأ أصحاب هذا الرأي المضاد كتب التاريخ، لأننا نحن – المسلمين – لم ننطلق من العدم، وإنما تفاعلنا مع الحضارات السابقة علينا، وقد فتح ما قام به الخليفة المأمون – حيث شجع أسلوب الترجمة في بيت الحكمة – الباب على مصراعيه فتعلمنا من الفرس فنون الإدارة والسياسة، ومن اليونان فنون الفكر والفلسفة، فتم مزج كل ذلك في قنينة بسائل من العقيدة الإسلامية، بل أضفنا إليها أشياء جديدة أهمها: الصدق في القول والرجاء في آلله. فاستطعنا بفضل ذلك قيادة العالم، ثم أنشأنا المدارس والمعاهد وبنينا المدن الحضارية المزدهرة، فما تزال كتب التاريخ تحفظ لنا أدلة عنها، فاسألوا أهل الأندلس وناقشوا أهل الفرس كيف كانت حضارتنا منفتحة تقبل بين أحضاننا كل الأقوام.
أتذكرون يوم كانت أوربا تعيش عصر الظلمات، فأخذ الأوربيون من الخوارزمي علم الرياضيات، ومن ابن سينا علم الطب، ومن ابن خلدون علم الاجتماع فاستطاعوا أن يأخذوا الدروس خير مأخذ. لكنهم تنكروا لذلك بدافع الحقد والهوس فأشعلوا حربا فكرية أولا، ثم تطورت إلى حرب حقيقية عملوا على اثرها على هدم أركان هذه الحضارة، والحقد على أبنائها. لذا فالحضارة كالإنسان في مسيرته، تولد كما يولد، وتكبر كما يكبر فتعطي وتسود مثل سيادته، ثم تشيخ أو تموت مثل مماته، غير أن أثرها تبقى خالدة تشهد على العز الذي كان. هكذا أصرح بأن رأي هؤلاء المفكرين خاطئ، لأنه ينبني على الحقد والكراهية والادعاء الكاذب الذي يفتقد إلى أي دليل منطقي أو حجة دامغة، وهو بذلك مجانب للصواب.
النموذج الثالث
نص الموضوع
إن التلفاز يشجع على السلبية لدى الطفل حيث يقدم له الأفكار الجاهزة، فيشعر الطفل بالكسل من غير أن يفكر أو ينتقد أو يناقش. كما يعطل التلفزيون طاقات الخيال، لأنه يقدم مشاهد ليست من خيال الطفل، مما يقلل من اعتماد الطفل على خياله وأفكاره.
اكتب تعليقا تعقب فيه على هذا الرأي مطبقا ما درسته في مهارة التعقيب والتعليق والدفاع عن وجهة نظر.
كثير من الناس يرون أن التلفاز هو صندوق الشياطين، وأنه بمثابة جحر الأفعى في قعر دارهم، وغول يأتي على الأخضر واليابس. لا يترك أي فرد من أفراد المجتمع، وخاصة الأطفال، إلا ودمر قدراتهم على التفكير، عطل طاقاتهم الخيالية، وزرع في أنفسهم الكسل والخمول.
إن المتأمل لهذا الرأي يجده خاليا من الإشارة إلى أي تنويه بالتلفاز، مع أن هذا الجهاز، كما يعلم الجميع، يتميز بمزايا إيجابية كثيرة من شأنها أن تنسينا السلبيات التي تحدث عنها هؤلاء. ثم إن وصف التلفاز بالسلبية لمجرد تفاهة بعض برامجه وتعميم ذلك على سائر البرامج الأخرى دون تفكير منطقي يعتبر خطأ فادحا وظلما في حق البرامج المفيدة والإيجابية. ألا يرى هؤلاء أنهم متعصبون إلى رأي خاطئ لا أساس له من الصحة، وأنهم يحملون أفكار سلبية مسبقة، ما تزال تعشش في أذهانهم، وتمنعهم من الاعتراف بالجميل للتلفاز؟ ألا يعلم هؤلاء أنهم مهما حاولوا الانتقاص من التلفاز فهو يظل من أبرز وسائل الإعلام التي تحظى بنسب كبيرة من المشاهدة، ليس من الأطفال فقط، بل أيضا من الكبار. فالتلفاز يقدم أطباقا متنوعة من البرامج يجد فيه الطفل ما لذ وطاب، ويختار ضمن برامجه ما ينال رضاه ويحقق متعته، فمن خلال البرامج الوثائقية يتعرف الطفل على ثقافات الشعوب الأخرى وأخبارها، وبذلك ينفتح على العالم، كما يكتشف أسرار الطبيعة وخباياها فيتأملها وينطق بعظمة خالقها سبحانه، ومن خلال البرامج الثقافية يتمكن الطفل من توسيع دائرة معارفه ومعلوماته، ومن خلال البرامج الاجتماعية يتعرف على الجانب الآخر من مجتمعه، كما أن البرامج الدينية هي الأخرى تكونه ليكون عبدا صالحا عارفا بحقوقه وواجباته. أما الرسوم المتحركة فعلى عكس الرأي السابق، ترفه عن الطفل وتغني خياله، وتساعده على التعلم بأسلوب ممتع وشيق.
وبناء على ما سبق يتضح أن جهاز التلفاز يعتبر سلاحا ذو حدين، يشمل ما هو مفيد للطفل وما هو غير مفيد له، وإذا كان بإمكاننا مساعدة الطفل على الاستفادة مما هو إيجابي، فبإمكاننا مساعدته أيضا ليتجنب ما هو سلبي، وهنا تجدر الإشارة إلى دور الأسرة في توجيه الطفل وإرشاده لاختيار ما يناسبه من برامج مفيدة وهادفة.