خصال المسلم
النص القرائي
قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث قدسي: «سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَنْ سِتِّ خِصَالٍ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا لَهُ خَالِصَةً، وَالسَّابِعَةُ لَمْ يَكُنْ مُوسَى يُحِبُّهَا، قَالَ: يَا رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَتْقَى؟ قَالَ: الَّذِي يَذْكُرُ وَلا يَنْسَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَهْدَى؟ قَالَ: الَّذِي يَتْبَعُ الْهُدَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَحْكُمُ؟ قَالَ: الَّذِي يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعْلَمُ؟ قَالَ: عَالِمٌ لا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ يَجْمَعُ عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعَزُّ؟ قَالَ: الَّذِي إِذَا قَدَرَ غَفَرَ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَغْنَى؟ قَالَ: الَّذِي يَرْضَى بِمَا يُؤْتَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَفْقَرُ؟ قَالَ: صَاحِبٌ مَنْقُوصٌ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ ظَهْرٍ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، جَعَلَ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ، وَتُقَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا، جَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ». (رواه ابن حبان في صحيحه)
قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُر أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِن كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجزهُ أَوْ تَمْنَعُهُ عنْ الظلم ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». (أخرجه البخاري والترمذي)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما لأصحابه: «مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ». (أخرجه الترمذي)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أمرني ربي بتسع: خشية الله في السر والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وأن أصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأعفو عمن ظلمني، وأن يكون صمتي فكرا، ونطقي ذكرا، ونظري عبرة، وآمر بالمعروف». (من حديث أبي هريرة) |
عتبة القراءة
إضاأت معرفية
التعريف بالحديث النبوي الشريف
الحديث النبوي: هو ما صدر عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من قول كقوله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...»،أو فعل كتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه كيفية الصلاة، وكيفية الحج، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «صلوا كما رأيتُموني أصل»، وقال صلى الله عليه وسلم : «خذوا عني مناسككم»، أو تقرير كإقراره صلى الله عليه وسلم لما فعله بعض أصحابه من قول أو فعل، سواء أكان ذلك في حضرته صلى الله عليه وسلم، أم في غيبته ثم بلغه ذلك. ومن أمثلة هذا اللون من الإقرار ما ثبت من أن بعض الصحابة أكل ضبا بحضرته صلى الله عليه وسلم فلم يعترض على ذلك، وعندما سئل صلى الله عليه وسلم لماذا لم يأكل منه ؟ قال : «أنه ليس من طعام أهلي فأراني أعافه»، وما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته وهو إمام بهم، فيختتم قراءته بسورة ﴿قل هو آلله أحد﴾ فلما رجع السرية ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم : «سلوه لماذا كان يصنع ذلك؟» . فسألوه فقال ": لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن اقرأ بها"، فقال صلى الله عليه وسلم : «فأخبروه بأن آلله تعالى يحبه»، أو صفة كوصف السيدة عائشة له صلى الله عليه وسلم بأنه كان خلقه القرآن وكوصف أصحابه له صلى الله عليه وسلم بأنه كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب ...، إلى غير ذلك من صفاته الخلقية والخلُقية صلى الله عليه وسلم.
التعريف بالحديث القدسي
الحديث القدسي: هو ما كان معناه من آلله ولفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم.
ملاحظة مؤشرات النص
مجال النص
النص ينتمي لمجال القيم الإسلامية.
نوعية النص
أحاديث قدسية ونبوية شريفة بدليل المؤشرات الآتية:
- عبارة "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"
- السند: عن أبي هريرة رضي آلله عنه.
- الراوي: ابن حبان – أبو هريرة.
- الإخراج: البخاري – الترمذي.
العنوان (خصال المسلم)
- تركيبيا: يتكون من كلمتين تكونان فيما بينهما مركبا إضافيا : { مضاف (خصال) + مضاف إليه )المسلم) }، يمكن أن يصير مركبا إسناديا بتقدير المبتدإ المحذوف بقولنا: (هذه خصال المسلم) أي جملة اسمية من مبتدإ وخبر.
- دلاليا: وردت كلمة "خصال" بصيغة الجمع، مما يدل على أن المسلم يتحلى بخصال عديدة.
بداية ونهاية النص
- بداية النص: تبتدىء جل فقرات النصوص بعبارة «قال رسول آلله صلى الله عليه وسلم» مما يدل على أنها نصوص حديثية.
- نهاية النص: تنتهي الأحاديث بعبارات وضعت بين معقوفتين، وتشير إلى الراوي الذي روى الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أخرجه.
بناء فرضية القراءة
بعد قراءة أولية للنص القرآني نفترض أن موضوعه يتناول الخصال التي يتصف بها المسلم، والقيم الإسلامية النبيلة التي يدعو إليها الإسلام.
القراءة التوجيهية
الإيضاح اللغوي
- أتقى: أشد خشية الله.
- المحارم:كل ما حرم آلله.
- عبرة: عظة وموعظة.
المضمون العام للنص
تقوى آلله، وغنى النفس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي إلى طلب العلم، بعض من صفات المسلم الحقيقي.
القراءة التحليلية للنص
المستوى الدالي
تضمن النص مجموعة من خصال المسلم:
- الحديث 1: التقوى – الهدى – العدل ء العلم – العز – القناعة – غنى النفس ...
- الحديث 2: نصرة الأخ ظالما أو مظلوما.
- الحديث 3: اتاء المحارم – الرضى بالقسمة – الإحسان إلى الجار – حب الخير للناس – تجنب كثرة الضحك.
- الحديث 4: خشية آلله – العدل – صلة الرحم – الجود – العفو – الكلمة الطيبة – الأمر بالمعروف.
ييتبن من جرد هذه الخصال أن بعضها ينظم علاقة الإنسان بربه (التقوى – الهدى – خشية آلله ...)، وبعضها ينظم علاقة الإنسان بالمجتمع (العدل – العلم – العز – القناعة – غنى النفس – الكلمة الطيبة – صلة الرحم ...).
المستوى الدلالي
مضامين النصوص الأساسية
- الخصال التي كان موسى عليه السلام يحبها هي: التقوى، الهدى، العدل، العلم، العز، القناعة، وكان عليه السلام يكره الطمع.
- دعوته صلى آلله عليه وسلم إلى نصرة الأخ بمساندته إن كان مظلوما ومنعه عن التمادي في ظلمه إن كان ظالما.
- يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس خصال، وهي: اتقاء المحارم، والرضى بما قسم آلله، والإحسان إلى الجار، وحب الخير للناس، وعدم الإكثار من الضحك.
- أمر آلله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتسع خصال، منها: خشية آلله، العدل، صلة الرحم ...
صنفا خصال المسلم الواردة في الأحاديث
- ما ينظم علاقة الإنسان بربه: خشية آلله – التقوى – الهدى.
- ما ينظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان: صلة الرحم – العدل – الإحسان إلى الجار – الصدقة – الاعتدال في النفقة – العفو ...
أساليب النصوص الحديثية
- النداء: يا رب – يا رسول آلله
- الاستفهام: أي عبادك أتقي؟ – أي عبادك أهدى؟ – أي عبادك أحكم؟ – أي عبادك أعلم؟ – أي عبادك أغنى؟ – أي عبادك أفقر؟ – أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟
- الأمر: انصر أخاك – اتق المحارم – ارض بما قسم آلله لك – أحسن إلى جارك
- النهي: لا تكثر الضحك
الخصائص الفنية
تزخر النصوص الحديثية بمجموعة من الخصائص الفنية، منها:
- الإيجاز: "إذا قدر غفر" – "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" – "وأن يكون صمتي فكرا، ونطقي ذكرا" ...
- الطباق: يذكر ≠ ينسى – أغنى ≠ أفقر – الغنى ≠ الفقر ء خير ≠ شر – ظالما ≠ مظلوما – السر ≠ العلانية – الغضب ≠ الرضى – صمتي ≠ نطقي.
ثنائية المقدمة والخاتمة
المقدمة | النتيجة |
اتّق المحارم | تكن أعبد الناس |
ارض بما قسم آلله لك | تكن أغنى الناس |
أحسن إلى جارك | تكن مؤمناً |
أحب للناس ما تحب لنفسك | تكن مسلماً |
لا تكثر الضحك | السلم الاجتماعي و سيادة الاحترام |
المستوى التداولي
القيم الإسلامية وأهميتها
تتضمن النصوص الحديثية المدروسة مجموعة من القيم الإسلامية التي أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالامتثال لها، والحفاظ عليها، لما لها من دور في إبراز المكانة الإيجابية والعظيمة للإنسان المسلم وتحقيق سعادته في الدنيا والآخرة. والجدول التالي يوضح بعضا من ملامح هذه القيم:
القيمة | معناها | أهميتها |
تقوى آلله | خشية آلله ومحبته والسعي إلى مرضاته. | تمنح المرء سعادة الدنيا والآخرة، وتخلق مواطنا صالحا لنفسه ولمجتمعه. |
طلب العلم | السعي إلى التعلم والمعرفة والبحث. | تساهم في تطور الفرد والمجتمع ورفع شأنه بين الأمم. |
العدل | الحرص على تحقيق التوازن وتجنب الظلم. | تساهم في سيادة المساواة والأمن والطمأنينة في المجتمع. |
حسن الجوار | التعامل مع الآخر بمحبة واحترام. | تساهم في السلم الاجتماعي، وتعزز الانتماء الوطني والإنساني. |
القراءة التركيبية
تتناول الأحاديث مجموعة من الصفات والخصال التي تنظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بنفسه، ثم علاقته بغيره أفرادا وجماعات، وإن التأمل في هذه الخصال يوحي بالقيم النبيلة التي تقوم عليها الدعوة الإسلامية وتتوخى تمثلها في سلوكات الناس سرا وعلانية وفي كل مناحي حياتهم الخاصة والعامة.