تحليل نص إمانويل كانط: الشخص غاية في ذاته
- مجزوءة الوضع البشري
- المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة
- تحليل نص إمانويل كانط: الشخص غاية في ذاته
تأطير النص
النص مقتطف من كتاب "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" للفيلسوف إمانويل كانط، ترجمة فكتور دلبوس سنة 1969(ص 148–149)، وفي هذا الكتاب يقدم كانط محاولة تحليلية تنطلق من المعرفة المشتركة لتصل إلى المبادئ، حيث تمكن من استنباط المبدأ الأخلاقي الأسمى، حيث يكون الخبر بالفعل هو الخير بالقصد، وفي هذا النص يقرر كانط أنه يحب التعامل مع الشخص باعتباره غاية في ذاته.
صاحب النص
هو الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (1724 – 1801) المزداد بكوينسبرغ، وكان الابن الرابع في أسرة تتكون من 11 ولدا، كان والده حرفيا، وأشرفت والدته على تربيته وعرفته على الواعظ شولتز الذي كان له أثر كبير في التطور الفكري لكانط، درس الرياضيات والفلسفة والعلوم الطبيعية، كتب أولى مقالاته باللغة الألمانية عام 1746 تحت عنوان "آراء حول التقدير الصحيح للقوى الحية" محاولا التوفيق بين الديكارتيين وأتباع ليبنتز، ويتحدد مشروعه الفلسفي في النقد الذاتي للعقل لتحديد ملكاته وحدوده وأهم مؤلفاته التي عرف فيها مذهبه هي:
- نقد العقل الخالص (1781).
- نقد العقل العملي (1788).
- نقد ملكة الحكمة (1790).
الطرح الإشكـالي
أين تكمن قيمة الشخص، هل في كونهغاية في ذاته باعتباره ذات أخلاقية، أم أن قيمته تتحدد بالشكل الذي يرغبه الآخرون؟
المفاهيم الأساسية
- الأمر المطلق: هو أمر قطعي تمت صياغته بشكل صوري مجرد، وقد وضعه كانط باعتباره المبدأ الأخلاقي الأسمى، وصيغته كالتالي: "تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك، دائما وأبدا، كغاية وليس مجرد وسيلة بتاتا".
- قيمة مشروطة: لكل شيء قيمة، قد تكون قيمة نفعية تكمن في ما تحققه من نتائج نفعية، وهو ما يسمى بالقيمة المشروطة، بينما قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا عاقلة وأخلاقية وحرة وليس مجرد وسيلة يستخدمها الآخرون لتحقيق مصالح خاصة.
- الشخص: هو كائن اجتماعي، هو الإنسان، ويسمى فردا عندما يكون مجرد عضو بيولوجي داخل المجتمع، ويسمى شخصا عندما يزاول دورا داخل جماعة كأن يكون أبا، أستاذا، صانعا، وفي هذا الصدد يميز رالف لنتون بين الشخصية الأساسية والشخصية الوظيفية.
الأطروحة
يذهب كانط إلى أن قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا لعقل أخلاقي عملي، فهو غاية في ذاته، فالإنسان يتميز داخل نظام الطبيعة بامتلاكه لملكة الفهم مقارنة مع باقي الكائنات الأخرى، وعليه فهو يتصرف وفق القاعدة الأخلاقية التالية: "تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك كفاية وليس مجرد وسيلة بتاتا".
الأفكار الأساسية
- الإنسان كائن عاقل وحر، وذلك من خلال امتلاكه لملكة الفهم التي تجعله يعامل باعتباره غاية في ذاته وليس وسيلة في يد الآخرين.
- إن قيمة كل إنسان تكمن في القدرة على التحرر من القيود الخارجية.
- إن قيمة الشخص هي قيمة غير مشروطة، أي أنها لا تتوقف عما نحققه من خلاله من نتائج عملية، بل إن له قيمة في ذاته تكمن في كونه ذاتا أخلاقية، بعبارة أخرى إن الطبيعة العاقلة توجد كغاية في ذاتها.
البنية الحجـاجية
- التأكيد: يجب دائما اعتباره غاية.
- النفي: ليس مجرد وسيلة، لا يمكن...
- الاستدلال: إذا كان... فإن ...
- المقارنة: قيمة الإنسان تختلف عن قيمة باقي الكائنات.
الاستنتاج
الإنسان يمكنه أن يتخذ من الأشياء وسائل يستخدمها لتحقيق أغراضه، لكن ليس من أن حقه يعامل الأشخاص كوسائل ذاتية نفعية، لأن الإنسان هو غاية في ذاتها وليس وسيلة لتحقيق أغراض الآخرين، وهذا ما يمنحه قيمة داخلية مطلقة، ويكسبه احتراما لذاته، ويملك بذلك كرامته الإنسانية.
قيمة النص وراهنيته
تكمن قيمة النص في كونه يدعو إلى ضرورة التعامل مع البشر باعتبارهم ذواتا مفكرة وأخلاقية تستحق أن تعامل باحترام، وهذه الدعوة شكلت أهم بند في الاتفاقيات العالمية التي تعنى بحقوق الإنسان وكرامته خاصة اتفاقية حقوق الإنسان المؤسسة عام 1948.
استغـلال معطيـات النص للإجابة على الإشكـال المطروح
انطلاقا من النص يمكن القول أن قيمة الشخص تكمن في كونه غاية في ذاته وليس وسيلة في يد الآخرين، وذلك لأن الإنسان كائن عاقل وحر وأخلاقي، لكن وعلى ضوء هذه المعطيات يمكن أن نتسائل، هل فقط الإنسان العاقل هو من يستحق الاحترام وأن يعامل على أساس غاية في ذاته؟ ألا يستحق الأحمق والجنين أن يعامل هو الآخر كما لو كان إنسانا مكتمل الإنسانية؟ (أطروحة طوم ريغان).