صلح الحديبية وفتح مكة: دروس وعبر - ملخص الدرس
تعريف صلح الحديبية
هو اتفاق أو معاهدة تمت بين المسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة، وبين مشركي مكة بقيادة سهيل بن عمرو من جهة أخرى سنة 6 هـ، بمكان يسمى الحديبية قرب مكة اشتمل الصلح على مجموعة من البنود، وكانت نتائجه لصالح المسلمين وانتهى بفتح مكة سنة 8 هـ.
السياق التاريخي لصلح الحديبية
لقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا مبشرة بدخول مكة لأداء مناسك العمرة، فأخبر بها أصحابه وأمرهم بالتهيؤ للخروج معه، فكان عددهم 1400 وذلك في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ، وساقوا معهم الهدي ولم يحملوا معهم سلاحا إلا سلاح الراكب، غير أن المشركين منعوهم من دخول بيت الله الحرام، فنزل المسلمون بمكان يسمى الحديبية وفيه تم الصلح الذي كان من بنوده:
- إيقاف الحرب بين المسلمين والمشركين مدة 10 سنوات يأمن فيها الناس وينعمون خلالها بالسلم والسلام.
- من أراد من القبائل أن يدخل في حلف المسلمين أو في حلف المشركين دخل وتسري على جميعهم كل بنود الاتفاق.
- أن لا يدخل المسلمون مكة هذا العام، ولهم ذلك في العام القادم بعد أن تخرج قريش منها حتى ينتهوا من أداء مناسكهم.
من نتائج صلح الحديبية فتح مكة سنة 8 هـ
من نتائج إيقاف الحرب 10 سنوات، الإعلان العالمي للإسلام بمكاتبة الرسول صلى الله عليه وسلم للملوك والزعماء يدعوهم الى الدين الجديد.
تحقق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بدخول المسلمين مكة سنة 7 هـ لقضاء العمرة آمنين مطمئنين وقريش تحرس المسلمين ذليلة ومهينة..
مساعدة قريش بعض حلفائها على مهاجمة قبيلة متحالفة مع المسلمين وقتل أعداد منها وهم آمنون يعد خرقا سافرا للصلح وبنوده.
نقض عهد الصلح من قبل قريش وحلفائها حمل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين على دخول مكة فاتحين في شهر رمضان سنة 8 هـ.
تحقق بهذا الفتح موعود الله المذكور في بداية سورة الفتح {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [الفتح/1].
بهذا الفتح حررت قبلة المسلمين وانهار سلطان قريش الذي طالما صد الناس عن دين الله، ورفع الحصار عن المستضعفين في مكة.
يوم الفتح أصدر النبي صلى الله عليه وسلم عفوا شاملا على أهل مكة ولم يعاملهم بالمثل بل قال لهم: «يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» [رواه ابن اسحاق وغيره].
الحرية والسلام والتسامح والوفاء بالعهود من أسس انتشار الإسلام وبقائه
كان لفتح مكة دور كبير في تحرير المستضعفين ورفع قيود الظلم عنهم ودخولهم في دين الله افواجا.
البند الأول من صلح الحديبية أسهم بشكل كبير في إظهار الإسلام وإعلانه داخل الجزيرة العربية وخارجها.
قيمة الوفاء التي تحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه جعلت كل نتائج الصلح لصالح المسلمين رغم أن معظمها كانت تبدو في البداية في مصلحة المشركين الذين نكثوا عهدهم ونقضوا ميثاق الصلح، فكانت دائرة السوء عليهم...
العفو الشامل الذي أصدره النبي صلى الله عليه وسلم على أهل مكة الذين ناصبوا له العداوة أكثر من 20 سنة كان له وقع إيجابي على مسار الدعوة الإسلامية، إذ دخل في دين الله أضعاف أضعاف من دخل فيه طيلة السنين الماضية حين تيقنوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن جبارا ولا طالب ملك. إنما هو نبي رسول جاء لينقذ البشرية من الضلالة الى الهدى، ويخرجهم من الظلمات الى النور...فدخلوا في دين الله أفواجا، وأنزل الله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}