الهند: أوجه متعددة للتنمية

تعتبر الهند إحدى القوى الاقتصادية الصاعدة حيث شهدت نموا سريعا في المجالات الفلاحية والصناعية والتكنولوجية، ورغم ذلك لا تزال تعاني من مظاهر التخلف.

عرف الإنتاج الفلاحي خلال العقود الأخيرة تطورا كبيرا جعل الهند من أهم الدول المنتجة لعدة مزروعات في طليعتها الحبوب (القمح، الأرز، الذرة)، والمزروعات الصناعية المدارية (الشاي، قصب السكر، القطن، البن)، وبعض الخضر كالبطاطس والفواكه كالحوامض، بالإضافة لقطيع ضخم من المواشي (الأبقار، الأغنام، الخنازير).
تمكنت الهند من ضمان الأمن الغدائي لثاني أكبر تجمع سكاني في العالم، وتصدير فائض الإنتاج الفلاحي.
تحتل الفلاحة الهندية المرتبة الرابعة عالميا، وتشغل حوالي نصف اليد العاملة، وتساهم بأكثر من خمس الناتج الداخلي الخام.

خلال العقود الأخيرة، عرفت الهند تطورا صناعيا كبيرا جعلها إحدى القوى الصناعية الصاعدة، ومكنها من احتلال المرتبة الرابعة عالميا بالنسبة للناتج الداخلي الخام.
من بين الصناعات التي شملها هذا التطور صناعة الصلب والسيارات والأدوية والنسيج، فضلا عن الصناعات العالية التكنولوجيا التي تتمركز في بعض المدن خاصة بنالكور (تلقب بسليكون فالي الهند).

يسجل قطاع تكنولوجيا الاتصال في الهند نموا سنويا جد مرتفع، وبالتالي فالهند تحتل مكانة مرموقة في الصناعات الالكترونية والمعلوماتية والأقمار الاصطناعية.
تصدر الهند منتجات تكنولوجيا الاتصال إلى مختلف مناطق العالم وفي مقدمتها أمريكا الشمالية وأوربا الغربية وأمريكا اللاتينية وبلدان جنوب شرق آسيا.

منذ سنة 1967 أقرت الدولة الهندية الثورة الخضراء التي تضمنت إدخال بذور تتميز بمقاومتها للجفاف والتقلبات المناخية وبمردودية عالية، فضلا عن استخدام الآلات والأسمدة والاهتمام بمشاريع الري، وقد أدت الثورة الخضراء إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي بالنسبة للحبوب والقطاني، وتصدير فائض الإنتاج، وتحسن مستوى عيش الفلاحين الهنود خاصة في ولاية البنجاب.
تشكل السهول والهضاب القسم الأكبر من مساحة الهند (السهل الهندي الغانجي، السهول الساحلية الشرقية والغربية، هضبة الدكن)، في المقابل تنحصر جبال الهملايا في أقصى الشمال عند الحدود الهندية الصينية.
يسود المناخ المداري الموسمي في معظم جهات البلاد، وبالتالي فالرطوبة مرتفعة على العموم، في حين يتمركز المناخ الجاف في الشمال الغربي (صحراء طهار).
تتوفر الهند على شبكة من الأنهار الكبرى من بينها الغانج، الهندوس، كودافيري...

في منتصف القرن 20م تولت الدولة الهندية حركة التصنيع من خلال إنشاء شركات تابعة لها، وفي أواخر نفس القرن انتقلت إلى تشجيع القطاع الخاص الوطني على الاستثمار الصناعي، ونهج سياسة ليبرالية، وإحداث مناطق صناعية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
تتوفر الهند على ثروة مهمة من المواد الأولية النباتية والحيوانية والمعدنية، إلى جانب الفحم الحجري.
تمتلك الهند ثاني أكبر تجمع سكاني في العالم، مما يتيح وفرة اليد العاملة الرخيصة والسوق الاستهلاكية.

تستفيد تكنولوجيا الإتصال من دعم الدولة بإحداث المعاهد والجامعات، وتأسيس إدارة تكنولوجيا الإعلام، وخلق المناطق التكنولوجية.
يرتبط تهافت المقاولات الأجنبية على الهند بعوامل متعددة منها التأهيل الجيد للتقنيين والمهندسين الهنود وضعف أجورهم، والقدرة على تنفيذ البرامج وتسليمها بسرعة.

انتشار مظاهر البؤس الاجتماعي من بطالة وفقر وتشرد.
شدة الفوارق الاجتماعية بين الأقلية الغنية التي تستولي على وسائل الإنتاج، والأغلبية الساحقة التي تعاني من ضعف الدخل الفردي.
استمرار بعض الطقوس الهندوسية المعرقلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية كتحريم ذبح الأبقار وأكل لحومها، وحدوث مواجهات بين الطوائف الدينية خاصة بين الهندوس والمسلمين.

في ظل المشاكل المتعددة، فإن مجهودات التنمية لم تمكن الهند من الخروج من مجال التخلف الاقتصادي والاجتماعي.

Retour