دراسة الدولة الادريسية من خلال وثائق تاريخية

مقدمة

كان المغرب تابعا للخلافة الإسلامية الكبرى في المشرق منذ الفتح الإسلامي، لكنه عرف مع مطلع القرن 2هـ/8م قيام أول دولة مغربية، بخصائص ومقومات وأسس وظروف خاصة.

  • فكيف نشأت أول دولة مركزية مستقلة؟
  • وما هو الإشعاع الحضاري لعاصمتها فاس؟

نشأت دولة الأدارسة بالمغرب

مرحلة التأسيس

شهد المغرب انقساما سياسيا خلال القرن 2هـ/8م حيث ظهرت إمارات أمازيغية، بنو مدرار في سجلماسة، إمارة برغواطة في تمسنا، وأخرى عربية بنو عصام في سبتة، وصالح بن منصور في نكور، وعقب معركة فخ بضواحي مكة سنة 169هــ/786م فر إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن أبي بن علي طالب من بطش العباسيين، ورحبت به قبائل أوربة الأمازيغية لنسبه الشريف، ولنبل شخصيته، فبايعوه بمدينة وليلي سنة  172هـ على أسس الإمامة والإمارة والجهاد لنشر الإسلام، فدخلت تحت سلطته قبائل أخرى.

مرحلة التوسع والضعف

إهتم إدريس الأول بتكوين جيش قوي وفتح سائر مناطق المغرب لبسط نفوذه ونشر الإسلام، وبعد مقتله ترك زوجته كترة حبلى، فتولى أمور الحكم مولاه راشد حتى سنة 188هـ، فبويع إدريس الثاني واستمر في توطيد الحكم وتوسيع نفوذه حتى شمل معظم مناطق المغرب، لكن بعد وفاته سنة 213هـــ/829م قسم ابنه محمد المغرب بين إخوته فبدأت مرحلة ضعف الأدارسة.

ساهمت فاس في إشعاع الثقافة الإسلامية

بناء مدينة فاس

شرع في بناء مدينة فاس سنة  192هـ من طرف المولى إدريس الثاني، ويقال أن إدريس الأول هو من اختار الموقع وبدأ عملية البناء، وقسمها إلى عدوة الأندلس، وعدوة القرويين يفصل بينهما النهر الكبير، وشيد بها عدة مساجد كبرى مثل مسجد الأشياخ ومسجد الشرفاء بعدما بنى قصره بعدوة القرويين، وأحاط المدينة بالأسوار لحمايتها من غزو القبائل، وجعل لها عدة أبواب، ونظرا لكونها عاصمة للمملكة وموقعها على أهم المحاور التجارية لعبت فاس دورا سياسيا ودينيا وثقافيا واقتصاديا رئيسيا للبلاد، حيث أصبحت المدينة في ظرف وجيز تضاهي القيروان والفسطاط وغيرها من مدن عصرها.

إشعاع فاس الحضاري

عرفت مدينة فاس نشاطا إقتصاديا وثقافيا فتوسعت المدينة وكثرت البنايات وارتفع عدد سكانها، وأقامت فاطمة الفهرية جامع القرويين منذ 245هـ/859م وأصبحت للجامعة شهرة كبيرة بفضل العلوم التي تدرس، والطلبة الذين تخرجوا منها، ومن الفروع العلمية فيها: الفقه، الحديث، التفسير، النحو، الفرائض، الحساب، التوقيت، التوحيد، المنطق، البيان، الطب، علوم نقلية وعلوم عقلية، وهكذا أخذت جامعة القرويين ومدينة فاس معها شهرة كبيرة في عصرها.

خاتمة

ساهم الأدارسة في ترسيخ نظام حكم وراثي يقوم على البيعة بالمغرب، وإقامة مركز إشعاع ثقافي وديني بفاس سيساهم في نشر الإسلام بإفريقيا.