مراكش آسفي 2016 - الموضوع

الإعلان وثقافة الاستهلاك

لم يعد الهدف من الإعلان هو مجرد تقديم المعلومات، بل هو إقناع المستهلكين وإغراؤهم. وقد ساعدت عمليات التطور الكبيرة في الإنتاج الصناعي للسلع وفي تخزينها وتسويقها على تطور عمليات الإعلان.

انتقد عالمُ الإعلان من جانب مفكرين كثيرين منهم المؤرخ "ديفيد بوتر" وعالم الاقتصاد "كينيت جالبيرت" اللذان قالا إن صناعة الإعلان كانت هي العامل الأساسي في خلق ثقافة الاستهلاك في بداية القرن العشرين.

وانتقد آخرون عالم الإعلانات، لأن المصانع والبائعين يريدون استعادة النقود التي أنفقوها على الإعلانات من خلال المستهلك نفسه، كما أن الإعلانات تعمل في اتجاه مضاد للاختيار العقلاني من جانب المستهلك، وكذلك الاستخدام الفعال لموارده وإمكاناته. فالمستهلك لا يختار السلعة على أساس أنها أكثر كفاءة وأقل سعرا، ولكن على أساس الإغراء وقدرة الإعلام على التلاعب بمشاعره، وكذلك قدرته على خلق حاجات زائفة من خلال إقناعه للمستهلكين بأنهم يحتاجون الى مثل هذه المنتجات، في حين أنهم – في حقيقة الأمر – لا يكونون في حاجة إليها.

مع ذلك، يقول آخرون إن الإعلان يؤكد حق المستهلك في الاختيار من بين بدائل عدة، في ضوء احتياجاته وظروفه، وإن الإعلام يساعد على التنافس بين المؤسسات الإنتاجية والخدمية لتطوير سلعها وتحسينها، وخفض أسعارها لمصلحة المستهلك، وإن الإعلان قد يستخدم أيضا لأغراض طبية وإنسانية وخيرية ومعلوماتية، ولا بكون بالضرورة مرتبطا بأهداف استغلالية.

لم يكن الإعلان وحده – بطبيعة الحال – هو العامل الذي خلق ثقافة الاستهلاك فهناك عوامل سياسية وتكنولوجية كثيرة أسهمت في تطوير المجتمعات الغربية في اتجاه الرأسمالية. وقد كان عالم الإعلان بتطوراته الكبيرة القائمة على أساس الصورة والكلمة، وكذلك التلاعب بالانفعالات والاحتياجات هو العامل المروج لها، وكانت ثقافة الاستهلاك علامة دالة عليها.

د. شاكر عبد الحميد – عصر الصورة: السلبيات والإيجابيات، عالم المعرفة الكويت، ع 311، 2005