سورة يس: الجزء الثالث (من الآية 29 إلى الآية 43)
وضعية الانطلاق
بعدما تحدثت السورة في مطلعها عن المشركين الذين كذبوا دعوة الإسلام وضربت لهم المثل بأصحاب القرية، لتنتقل السورة إلى استعراض آيات عظمة الله على المكذبين العافلين.
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾. [سورة س، من الآية: 29 إلى الآية: 43] |
نشاط الفهم وشرح المفردات
قاموس المفاهيم الأساسية
- يا حسرة: يا وَيْلاً، أو يا تندما.
- كم أهلكنا من القرون: أهلكنا كثيرا من الأمم.
- لمّا جميع: جميع الأمم السابقة واللاحقة.
- محضرون: نحضرهم للحساب والجزاء يوم القيامة.
- آية: دلالة وعلامة.
- فجرنا فيها: شققنا في الأرض.
- وما عملته أيديهم: غرسوه ونصبوه.
- خلق الأزواج: خلق الأصناف الذكر والأنثى.
- ومما لا يعلمون: من مخلوقات شتى لا يعرفونها
- نسلخ منه النهار: ننزع من مكانه الضوء.
- لمستقر لها: لأجل لها لا تعدوه.
- قدرناه منازل: قدر الله سيره في منازل ومسافات لمعرفة الشهور.
- العرجون القديم: عود عِذْق النخلة العتيق (صار كغصن النخلة اليابس).
- حملنا ذرياتهم: آباءهم وقيل جنسهم في سفينة نبي الله نوح عليه السلام.
- الفلك المشحون: السفينة المملوءة.
- إلى حين: أجل مسمى ومعلوم عند الله.
المعنى الإجمالي للشطر القرآني
تحدثت آيات هذا الشطر عن دلائل القدرة والوحدانية في هذا الكون العجيب، بدءا من مشهد الأرض الجرداء التي تدِبُّ فيها الحياة، ومشهد الليل ينسلخ منه النهار، فإذا هو ظلام دامس، ثم مشهد الشمس الساطعة تدور بقدرة الله في فلك لا تتخطَّاه، ثم مشهد القمر يتدرج في منازله، ثم مشهد الفلك المشحون يحمل ذرية البشر الأولين، وكلها دلائل باهرة على قدرة الله عز وجل.
المعاني الجزئية للشطر القرآني
المقطع الأول: الآيات: 29 – 32:
- التحسر على مصير المكذبين لدعوة الحق، حيث ضرب الله لهم المثل بأصحاب القرية الذين أهلكم بالصيحة.
المقطع الثاني: الآيات: 33 – 34:
- بيانه تعالى دلائل قدرته في إحياء الأرض الميتة بالماء، وإخراج الثمرات منها.
المقطع الثالث: الآية: 35:
- بيانه تعالى قدرته على الخلق والوجود.
المقطع الرابع: الآيات: 36 – 40:
- تعاقب الليل والنهار، وجريان الشمس والقمر بحسبان دقيق.
المقطع الخامس: الآيات: 41 – 43:
- حمل ذرية آدم في سفينة نوح عليه السلام، برعايته ورحمته سبحانه.
الدروس والعبر المستفادة من الآيات
- كل ما حولنا يشهد بوجود الله، ويدل على قدرته ووحدانيته، ولكن يحتاج منها إلى التأمل وعدم الغفلة.
- الكفر والطغيان والجحود …، موانع للعقل والقلب عن إبصار آيات الله ودلائل قدرته.
- القرآن الكريم معين لا ينضب من الإشارات العلمية الإعجازية المصدقة لنبوة سيدنا محمد ﷺ.
القيم المركزية في الشطر القرآني
الإيمان – التفكر – الشكر- الرحمة.