الإجتهاد والتجديد - الدرس
الوضعية المشكلة
تحدث خطيب الجمعة عن قضية كمال الدين منطلقا من قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، فبين أن الدين الإسلامي كامل وصالح لكل زمان ومكان، وأنه لا مجال للابتداع فيه بزيادة ما ليس منه، فسألك أخوك قائلا: إذا كان الدين كاملا وصالحا لكل عصر، فلماذا لا نجد فيه النصوص التي تتحدث عن مستجدات عصرنا؟ وكيف نعرف حكمها؟
النصوص المؤطرة للدرس
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَمِنَ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾. [سورة التوبة، الآية: 122] عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ». [صحيح البخاري، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة] |
قراءة النصوص ودراستها
توثيق النصوص والتعريف بها
التعريف بسـورة التوبة
سـورة التوبة: مدنية ماعدا الآيتان 182 و129 فمكيتان، وعدد آياتها 129 آية، ترتيبها 9 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة المائدة”، سميت بهذا الاسم لما فيها من توبة الله على النبي ﷺ والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، وعلى الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وهي تعنى بجانب التشريع، لهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان، هما: بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين وأهل الكتاب، وإظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول ﷺ لغزو الروم.
التعريف بعمرو بن العاص
عمرو بن العاص: هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، كان يُكنى بأبي عبد الله، ولد في مكة سنة خمسين قبل الهجرة، وقد كان من زعماء قريش، أرسلته قريش قبل إسلامه إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا من الكفار بدينهم، أعلن إسلامه في العام الثامن للهجرة مع كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، كان ابن العاص مجاهدا وبطلا، لقب “بداهية العرب” لما عرف عنه من حسن تصرف وذكاء، وبعد إسلامه فتح مصر بعد أن قهر الروم وأصبح واليا عليها بعد أن عينه عمر بن الخطاب، توفي سنة 43 هـ.
نشاط الفهم وشرح المفردات
قاموس المفاهيم الأساسية
- لينفروا: ليخرجوا لطلب العلم.
- طائفة: فئة واحدة منهم.
- حكم: أصدر حكما، قضى.
مضامين النصوص الأساسية
- بيانه تعالى لشروط المجتهد المتمثلة في طلب العلم، والتفقه في الدين، والعمل على تبليغه، واعتباره من فروض الكفاية.
- بيانه ﷺ جزاء المجتهد المصيب عند الله أجران، أجر الاجتهاد وأجر إصابة الحق، وجزاء المجتهد المخطئ أجر واحد هو أجر اجتهاده.
تحليل محاور الدرس ومناقشتها
مفهوم الاجتهاد والتجديد
الاجتهاد: لغة: مصدر من فعل اجتهد، بمعنى بذل وسعه ونهاية طاقته في تحصيل المطلوب، واصطلاحا: بذل الفقيه المجتهد الوسع في تحصيل العلم بالحكم الشرعي (واجب، مندوب، مباح …) من مصادره المقررة، وباعتباره ممارسة فهو البحث في الدليل لاستفادة الحكم منه.
التجديد: لغة: إعادة الشيء إلى سيرته الأولى، أي تصييره جديدا، واصطلاحا: يطلق على معنيين:
- إحياء التدين في نفوس الناس.
- الاجتهاد في مواكبة قضايا العصر والانفتاح عليها، بتنزيل الأحكام الشرعية عليها.
العلاقة بين الاجتهاد والتجديد
من أهم الخصائص التي تميز الشريعة الإسلامية عن غيرها، خاصية المرونة والشمول وصلاحيتها لكل زمان ومكان، والهدف منها مواكبة الأحداث والوقائع التي لا تنحصر، وتتجدد بتجدد الزمان والمكان، ففتح الإسلام باب الاجتهاد أمام العلماء في المسائل التي لم يذكر فيها نص شرعي قطعي؛ قصد تجديد هذا الدين والتصدي لجميع النوازل والقضايا المستجدة ببيان حكمها الشرعي، فالعلاقة إذا بينهما هي علاقة تكامل وترابط وتوافق.