حق الله: الاعتزاز بالإسلام - الدرس
الوضعية المشكلة
روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (كنّا أذلة فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلّنا الله) ( المستدرك للنيسابوري).
- لماذا يرغب عمر رضي الله عنه في الاعتزاز بالإسلام؟
- وكيف يكون الاعتزاز به ؟
- وما مظاهر هذا الاعتزاز ؟
القراءة والتدبر
قال تعالى: ‘يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ” المنافقون الآية 8 قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت الآية 32 |
فهم المفردات والعبارات
- العزة: القوة والرفعة
- المهانة: الضعف والذل
تحديد المستفاد من النصين
- بيانه الله تعالى أن العزة له ولرسوله وللمومنين ، أما المنافقين فلهم الذل والمهانة.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل الصالح من مظاهر اعتزاز المسلم بدينه.
قيمة العزة في الإسلام ومركزيتها
مفهوم العزة
تطلق العزّة في اللغة على القوة والغلبة والشدة ،ونفاسة الشيء وعلو قدره. ويعتز بالإسلام من افتخر وتباهى به. وفي الاصطلاح: العزة في الإسلام هي الارتباط بالله، وارتفاع بالنفس عن موضع المهانة، والتحرر من رق الأهواء والسير وفق ما شرّعه الله ورسوله.
قيمة العزة ومركزيتها في الإسلام
هي حالة نفسية تصاحبها قوة معنوية، وتنبثق منهما أقوال وأفعال تدل على الشعور بالفخر والاستعلاء والاستقلال عن الكافرين، وصدق الانتماء لهذا الدين مع تواضعٍ ورحمة بالمؤمنين. فالله يأمرنا أن نكون أعزاء، لا نذل ولا نخضع لأحد من البشر، والخضوع إنما يكون لله وحده.
لقد حرص القرآن الكريم في فترة العهد المكي وما صاحبَها من أحداث علىى ترسيخ وتأسيس معانيَ العزة في نفسِ المسلم ، ولعل الحكمة في ذلك أن الله أراد أن يتربى المسلمون على حب هذه الكلمة حتى يستشعروا القوة والغلبة والرفعة في أنفسهم ويعتزوا بمن له الكبرياء في السماوات والأرض. أما آيات العزة المدنية فكانت صريحة في طلب العزة و تهييج نفوس المؤمنين على اكتسابها والترهيب من تركها.
دلالة العزة لله تعالى ولرسوله وللمومنين وتجلياتها في المعتقد والسلوك
إن العزة الحقيقية الصادقة منشؤها من الله، هو الذي يهبها لمن يشاء من عباده، وكل عزة لعزيز من الخلق تندرج تحتها. قال تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) ( المنافقون/8). قال البغوي في تفسيرها: فعزة الله: قهره من دونه، وعزة رسوله: إظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين: نصر الله إياهم على أعدائهم،(وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُون) ذلك لو علموا ما قالوا هذه المقالة.
ومن تجليات العزّة في المعتقد والسلوك:
- الارتباط بالله عز وجل إيمانا ويقينا ودعاء وتوكلا وخوفا
- التعلق بكتاب الله قراءة وتدبرا وعلما وعملا
- الثقة بنصر الله وانتصار الدين، والشعور بالرضى عن الذات والثقة بالنفس
- تحرير المسلم من الجشع والطمع فيترفع عن الملذات والمغريات
- تحقيق العفة بترك المعاصي صغيرها وكبيرها
- تزكية النفس وتوجيهها نحو الطاعات.
العزة في الصلة بالله والذلة في الصدود عن الدين
إن العزة خلق عظيم يجب أن يتصف به المؤمن، حتى يقوى ارتباطه بخالقه فيمتثل لأوامره ويعبده حق العبادة، ويستعلي عن الملذات والمحرّمات خوفا منه سبحانه.
فالدافع للعزة هو طلب مرضاة الله وإكرام النفس وصونها عما يهينها ويذلها، وتلبية حاجاتها في اكتساب الفضائل والأخلاق الحسنة التي من خلالها تكمل شخصيتها. أما الذل فدوافعه تكمن في العجز والكسل عن الطاعات وأداء العبادات والارتماء في ملذات الدنيا والإعراض عن الآخرة.
إن مآل العزيز أفضل وأحسن من مآل الذليل عند الله لا يستوون أبدا، فقد جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف). فلا يليق بالمؤمن العزيز أن يتصف بصفة الذل والهوان حتى لا يفقد صفة العزّة التي منحه الله إياها.