سورة يس: الجزء الأول (من الآية 1 إلى الآية 11)
مدخل إشكالي
لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، ثم سواه وعدله في أي صورة ما شاء ركبه، ولما كانت الغاية من خلقه تحقيق مهمتي العبادة والعمارة، اقتضت حكمته تعالى أن يعبد له المسالك وينير له طريق الظلمات والمهالك، فأرسل الرسل وأنزل الكتب، فبشروا وأنذروا وحذروا وأعذروا وبلغوا رسالات ربهم، مصداقا لقوله تعالى: ﴿رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾.
- فما الحكمة من بعثة الأنبياء والرسل؟
- وكيف كانت ردة فعل مشركي قريش من دعوة الرسول ﷺ إياهم إلى التوحيد والإيمان؟
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾. [سورة س، من الآية: 1 إلى الآية: 11] |
توثيق النص ودراسته
التعريف بسورة يس
سورة يس: مكية، ماعدا الآية 45 فمدنية، عدد آياتها 86 آية، ترتيبها 36 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة الجن”، سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى افتتح السورة الكريمة بها، وفي الافتتاح بها إشارة إلى إعجاز القران الكريم، وقد تناولت مواضيع: الإيمان بالبعث والنشور، وقصة أهل القرية، والأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.
القاعدة التجويدية: المد وأنواعه
المد: لغة: الزيادة، واصطلاحا: إطالة الصوت بحرف المد مقدار معينا، وحروفه ثلاثة، هي:
- الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، نحو: ﴿البَاطل﴾، ﴿قَال﴾، ﴿الإنْسَان﴾ …
- الواو الساكنة المضموم ما قبلها، نحو: ﴿قالُوْا﴾، ﴿يقُوْل﴾، ﴿تَكُونُ﴾ …
- الياء الساكنة المكسور ما قبلها، نحو: ﴿الذِي﴾، ﴿قِيْل﴾، ﴿دِينَهُم﴾ …
ينقسم المد إلى قسمين:
- المد الطبيعي أو الأصلي: لا تقوم ذات الحرف إلا به، ويمد حركتان (بمقدار قبض الأصبع وبسطه)، مثال: ﴿عَلَى صِرَاطٍ﴾، ﴿غَافِلُونَ﴾ …
- المد الفرعي: وهو ما زاد عن مقدار الطبيعي وتوقف على سبب: همزة أو سكون أو شدة بمقدار اربع أو ست حركات، مثال: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ﴾، ﴿بِما أَوحَينا﴾…
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- يس: والله أعلم بمراده به.
- القرآن الحكيم: المحكم الذي لا يلحقه تغيير أو تبديل.
- إنك لمن المرسلين: إنك من جملة الرسل الذين أرسلناهم إلى أقوامهم.
- صراط مستقيمٍ: طريق قويم معتدل لا عوج فيه، وهو الإسلام
- حق القول: وجب العقاب.
- أغلالا: جمع غل، قيودا تشد أيديهم إلى أعناقهم.
- الأذقان: جمع ذقن، وهو أسفل الفم.
- مقمحون: من الإقماح، وهو رفع الرأس مع غض البصر.
- سُدًّا: حاجزا ومانعا.
- أغشيانهم: غطينا أبصارهم.
- آثارهم: أعمالهم التي باشروها وآثارهم التي تركوها.
- إمام مبين: كتاب مسطور (اللوح المحفوظ).
المعنى الإجمالي للشطر القرآني
تؤكد السورة في بدايتها على بعثة الرسول ﷺ، والغرض من الرسالة وكدا مدى استقامة منهجه، ثم تكشف عن نهاية الغافلين المكذبين الذين لاقوا دعوة الرسول بالتكذيب والاستهزاء بعدم الهداية، وبأن الإنذار لن ينفع معهم لأنه لا ينفع إلا من اتبع الذكر وخاف الله واستعد قلبه للهدى والإيمان.
المعاني الجزئية للشطر القرآني
المقطع الأول: الآيات: 1 – 4:
- قسم الله تعالى بكتابه العزيز على ان محمدا ﷺ من الأنبياء المرسلين، والتأكيد على الغرض من بعثة الرسول ﷺ.
المقطع الثاني: الآيات: 5 – 8:
- إنذار وتحذير الكفار المصرين على تكذيب الرسول ﷺ، وعلى إنكار البعث.
المقطع الثالث: الآيات: 9 – 10:
- تبشير المؤمنين الذين يتبعون الذكر ويخشون الله بالغيب بالمغفرة والأجر الكريم.
المقطع الرابع: الآية: 11:
- قدرة الله على إحياء قلب من يشاء من الكفار وتسجيل أعمال البشر تمهيدا لحسابهم يوم القيامة.
الدروس والعبر المستفادة من الآيات
- الاعتبار بعاقبة من ينفعه الإنذار ومن لا ينفعه.
- وجوب الإيمان بالوحي وبرسالة محمد ﷺ.
- المؤمن هو الذي ينتفع بالذكرى.
- البعث بعد الموت حق ويقين
- خشية الله تعالى سبب في الفوز بالمغفرة والأجر الكريم.