الوضعية المشكلة
كان في أحد الأقسام ثلاثة تلاميذ: بكر وسعد وبدر؛ فأما بكر فكان غنيا يدرس جيدا ويدعم نفسه خارج المؤسسة، وأما سعد فكان فقيرا قنوعا يدرس جيدا ولا يدعم نفسه خارج المؤسسة لفقره، وأما بدر فكان مشاغبا كسولا، لما جاء يوم الامتحان اجتازوه جميعا، فأما بكر وسعد فقد اعتمدا على نفسيهما من غيرغش، وأما بدر فتحايل في الامتحان وغش، لما جاء يوم توزيع النقط حصل بكر وبدر على نقط جيدة، أما سعد فحصل على نقطة متوسطة، فأحس بكر بالغبن، وجاء بدر إلى بكر فقال له متبجحا: إذا أردت أن تنافس أولاد الأغنياء فعليك أن تفعل مثل فعلي.
النصوص الشرعية
قال الله تعالى:” لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” سورة البقرة الآية 273 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه» رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله» متفق عليه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني، ثمّ قال: «يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالّذي يأكل ولا يشبع؛ اليد العليا خير من اليد السفلى” متفق عليه |
المعجم اللغوي
- أحصروا: حبسهم الجهاد عن التكسب.
- ضربا في الأرض: ذهابا وسيرا للتكسب.
- التعففف: التنزه عن السؤال.
- بسيماهم: بهيأتهم الدالة على الفقر والحاجة.
- إلحافا: إلحاحا في السؤال.
- ورزق كفافا: أوتي من الرزق ما يكفيه ويكفه عن السؤال.
- تزدروا: تحقروا.
مضامين النصوص الشرعية
- حثه سبحانه وتعالى على التعفف والقناعة وإعطاء مال الصدقة لمن يستحقه.
- من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة: الإسلام والكفاف والقناعة.
- من الأسباب التي تحصل القناعة وتبعث على شكر الله تعالى النظر فيما فقده الغير من النعم.
- حثه عليه الصلاة والسلام على الجد والعمل دون الحرص والطمع فيما عند الناس.
حكمة: ازهد بما عند الناس يحبك الناس؛ وارغب فيما عند الله يحبك الله.
قال علي كرم الله وجهه: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع.
مفهوم القناعة والرضا والطمع
- القناعة: لغة الرضا والإقبال على الشيء؛ واصطلاحا: خلق يبعث على الرضا بما قدر الله من الرزق دون التطلع إلى ما في أيدي الناس.
- الرضا: لغة خلاف السخط؛ واصطلاحا: خلق يبعث على التسليم بالأحكام التي تجري على الإنسان من غير جزع أو تسخط.
- الطمع: لغة الحرص والرجاء؛ واصطلاحا: تعلق القلب وحرصه على حطام الدنيا من مال عارض أو منصب زائل أو جاه حائل.
علاقة المفاهيم فيما بينها: من قنع ورضي بما قسم الله له لم يتعلق قلبه بما في أيدي الناس.
مظاهر القناعة والرضا
- الرضا بالله وبتدبيره لك وبشرعه.
- الرضا بما قسم الله لك وعدم الحرص.
- العمل والجد دون اتباع الحيل الفاسدة في تحقيق الغايات.
- الصبر على الشدائد والشكر عند قدوم النعم.
- الخوف من الجليل والقناعة بالقليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل.
- الحب الخير للغير دون حسد أو طمع.
- فوائد القناعة والرضا:
- تشجع على العمل وتحارب التسول والاتكالية والمحسوبية والزبونية.
- تجعل الفرد محبوبا عند الناس ومعظما فيما بينهم.
- من القيم التي تجنب الفرد الأزمات النفسية التي قد تسبب له الانحرافات الأخلاقية والسلوكية…
- من القيم التي تحقق الأمن والحب والسلام في المجتمع.
- من القيم التي تدل على صلاح العبد وتقواه وتعلق قلبه بالله.
- مضار الطمع والحرص:
- يشجع الفرد على الاحتيال والغش للحصول على مطمعه.
- ينشر في المجتمع القيم الفاسدة والتصرفات السيئة كالذب والرشوة والظلم…
- يذهب بكرامة المرء ويذله ويزدريه.
- يجعل الفرد يسيء الظن بالله وبغيره وبنفسه.
إذن: القانع كريم عزيز والطامع ذليل حقير.