الوضعية المشكلة
كثير من الناس في بلدنا المغرب يشدون الرحال إلى الأضرحة وقبور الصالحين سائلين أهلها من الأموات شفاء مرضاهم أو قضاء حوائجهم، ويقدمون لأصحاب هذه الأضرحة النذور والذبائح، ويدعون لهم ويستغيثون بهم وما شبه ذلك من أعمال، وهذه القضية اختلفت فيها الآراء.
فالذين يقومون بهذا العمل يقولون: إن لله في الأرض عباداً يستجيب الدعاء من أجلهم، والذين ينكرون هذا العمل يقولون: إن هذا يتنافى مع عقيدة التوحيد ، وشرك صريح يخرج صاحبه من الملة.
- اختر أحد الآراء الذي تراه صوابا وعلل اختيارك بأدلة شرعية وأخرى عقلية منطقية ؟
النصوص المؤطرة للدرس
قال الله تعالى: “ اللهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ الحيُّ القيّومُ لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نومٌ لهُ ما في السمواتِ وما في الأرضِ منْ ذا الذي يشفعُ عندهُ إلاّ بإذنِهِ يعلَمُ ما بينَ أيديهِم وما خَلْفَهُمْ ولا يُحيطونَ بشيءٍ منْ عِلْمِهِ إلاّ بما شاء وسِعَ كُرْسِيُّهُ السمواتِ والأرضَ ولا يؤودُهُ حِفْظُهما وهُو العليُّ العظيم ” الآية 255 من سورة البقرة قال الله تعالى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ” سورة الإخلاص قال الله تعالى: “هُو اللهُ الذي لا إلهَ إلاّ هُوَ عالِمُ الغيبِ والشهادةِ هُوَ الرحمنُ الرحيمُ (22) هو اللهُ الذي لا إله إلاّ هو المَلِكُ القدّوسُ السلامُ المُؤمنُ المُهيْمِنُ العزيزُ الجبّارُ المُتكبِّرُ سبحانَ اللهِ عمّا يُشركون (23) هُوَ اللهُ الخالِقُ البارئ المُصوِّرُ لهُ الأسماءُ الحسنى يُسبِّحُ لهُ ما في السمواتِ والأرضِ وهو العزيزُ الحكيم” الآية 24 من سورة الحشر |
شرح المفردات
- الله الصّمد : هو وَحْدَه المقصود في الحَوائج
- القيّوم : الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظهم
- سِنةٌ : نعاس وغفوة
- لا يؤوده : لا يُثقله ، ولا يشق عليه
- القدوس : البَليغ في النـّـزاهة عن الـنّـقائص
- السلام : ذو السّـلامة منْ كل عيّب ونقـْص
- المؤمن : المصَدّق لرسلِه بالمعجزات
- المهيمن : الرقيب على كلّ شيء
- العزيز : القوّي الغالب
- الجبّار : القهار. أو العظيم
- المتكبّر : البَليغ الكبرياء والعظمة
استخلاص المضامين
يخبر النص القرآني الأول أن الله هو الإله المعبود بحق لما اتصف به من صفات الكمال وتنزه عنه من صفات العيب والنقصان.
الإقرار بوحدانية الله تعالى وتنزيهه عما لا يليق بكماله من حدوث ومثيل.
مفهوم التوحيد
كلمة التوحيد في اللغة مصدر من كلمة (وحد) وأصلها (وحد يوحد توحيدًا) فالتوحيد في اللغة: هو جعل الشيء واحدًا. تعريف التوحيد في الاصطلاح: هو إفراد الله تعالى في ألوهيته وربوبيته وفي أسمائه وصفاته.
أقسام التوحيد
بالتتبع والاستقراء لنصوص الوحي قسم العلماء التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
توحيد الربوبية
وعرفه أهل العلم: بأنه إفراد الله بأفعاله، أي أننا نعتقد أن الله منفرد بالخلق والملك والتدبير.
- قال تعالى ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )[ الزمر :62].
توحيد الألوهية
وهو توحيد الله بأفعال العباد. أي أنّ العباد يجب عليهم أن يتوجهوا بأفعالهم إلى الله سبحانه فلا يشركون معه أحداً.
- قال تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) [ الكهف: 110].
توحيد الأسماء والصفات
وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولكن على حسب قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى :11].
الأدلة الشرعية والبراهين العقلية على وحدانية الله تعالى
الآيات التي يؤكد فيها الواحد تعالى على وحدانيته وفرادته في ذاته وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى:
- { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } الأنبياء (25)
- { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } طه (14)
- { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } الأنعام (102)
- { رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } مريم (65)
- { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } الشورى (11)
- { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } الأنبياء (22)
- { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } المؤمنون (91)
- { قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } الإسراء (42)
البراهين العقلية على وحدانية الله تعالى
- دليل الآيات النفسية والكونية: التفكر في خلق الإنسان والأكوان
- النظر في أحوال المضطرين
- آيات الأنبياء
- الكتب السماوية والسنة النبوية وما فيهما من شرائع
- دليل الفطرة :الفطرة السوية مضطرة للاعتراف بالله
أثر العقيدة في سلوك الفرد والمجتمع
لاريب في أن للعقيدة التي يحملها الإنسان أثرًا في توجيه سلوكه وتصرفاته, وأن أي انحراف في هذه العقيدة، يبدو واضحًا في حياة الإنسان العملية والخلقية، ومن ثم يؤثر ذلك بشكل ملموس في حياة المجتمع؛ لأننا لا نستطيع الفصل بين المجتمع وأفراده.
- تحقيق معرفة الله سبحانه وتعالى: وهي من أعظم الآثار
- راحة النفس الموحدة واطمئنانها وسعادتها
- تواضع النفس الموحدة وخوفها وانكسارها لخالقها وافتقارها إلي
- اليقين والثقة بالله عز وجل:
- التوحيد ينير القلب: ويشرح الصدر ويجعل للحياة معنى وحلاوة بل إن’ لا إله إلا الله’ إذا خرجت من قلبٍ صادق؛ تقلب الحياة رأساً على عقب
- العقيدة تهب صاحبها عزة النفس؛ لما يشعر به من معية الله تعالى
- رجل العقيدة رجل يحتكم إلى كتاب الله ولا يستبدل به حكمًا آخر، ويرضى بحكم الله ولو كان الحق عليه
- رجل العقيدة رجل نشيط عامل منتج, لا يتكاسل ولا يتواكل
- رجل العقيدة عنده سعة نظر ووضوح في الهدف
- والعقيدة توقظ الضمير فتجعله مراقبًا لله دائمًا لا يعتريه ضعف ولا يتبدل بالأمكنة والأزمنة؛ لأنه مستند لعقيدة سليمة،
- يمتاز رجل العقيدة عن غيره بأنه مطمئن البال, مستريح الفكر, غير قلق على المستقبل ولا تمزق الأوهام نفسه
- رجل العقيدة عنده قيم وموازين ثابتة يزن بها الناس وهي موازين عقيدته الثابتة، فالحق فيها حق والباطل باطل، والرذيلة فيها رذيلة والفضيلة فضيلة من عهد آدم إلى يومنا هذا
- رجل العقيدة تتوازن فيه الروح والعقل والجسم, فلا يطغى فيه جانب على جانب
- أمة العقيدة تقوم الروابط بين أفرادها على العقيدة
- الأيمان بالتوحيد ينشئ في الإنسان العزة والأنفة