اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية

المنهج الاجتماعي - نص نظري 4-1
المنهج الاجتماعي (نبيل راغب)

 

 

الأستاذ: حسن شدادي

 

الفهرس

 

I- النص

II- تمهيد

III- دلالة العنوان

IV- فرضية النص

V- إشكالية النص

VI- قضية النص

VII- تحليل النص

1-7/ الإشكالية المطروحة

2-7/ مصطلحات النص ومفاهيمه

3-7/ قضايا النص

4-7/ الإطار المرجعي

5-7/ أساليب العرض

IIX-  تركيب وتقويم

 


I- النص

 

المنهج الاجتماعي

 

II- تمهيد

 

ظل النقد العربي يدور بين كونه انطباعيا يصدر عن ذوق فردي غير معلل، وبين كونه معياريا يستقي قواعده من القواعد اللغوية والبلاغية، ولم ينفتح على مشارب أخرى إلا في العصر الحديث بفعل المثاقفة مع الغرب.

وقد عرفت الساحة النقدية العديد من المناهج تبعا لزاوية النظر التي ينطلق منها كل منهج، وناحية اهتمامه في مكونات العملية الإبداعية (المبدع-الإبداع- المتلقي).

ومن بين هذه المناهج؛ المنهج الاجتماعي، وهو ذلك المنهج الذي يعمد إلى قراءة الأثر الأدبي من منظور اجتماعي غير منفصل عن شروط إنتاجه الاجتماعي. ويتعامل مع الظاهرة الأدبية بوصفها معبرة عن الوسط الاجتماعي وتحمل داخلها آثار الجماعة والمؤسسة الأدبية. وكمختلف أفرع المعرفة، فقد مر هذا المنهج بمحطات متعددة، بدءا بظهور كتاب مدام دي ستايل، ثم مرورا بالمنهج الجدلي بريادة لوكاش، وبعده المنهج التجريبي مع اسكاربيت، ثم البنيوية التكوينية مع غولدمان، وانتهاء بعلم اجتماع النص مع ببير زيما.

وقد تعددت خلفيات هذا المنهج ما بين: الفلسفة المادية/ والواقعية/ والواقعية الاشتراكية (ماركس) وعلم الاجتماع

ومن أبرز النقاد الذين تصدوا بالدراسة والتحليل والبحث للمناهج النقدية الأدبية من العرب نجد صلاح فضل وشكري عياد، ونجيب العوفي وإدريس الناقوري، وحسين الواد، حميد لحمداني، عبد السلام المسدي، ونبيل راغب. وهو ناقد وأديب مصري ارتبط مساره الدراسي والمهني بالأدب والنقد، ومن إنتاجه: دليل الناقد الأدبي – موسوعة النظريات الأدبية..

 

III- دلالة العنوان

 

جاء العنوان جملة اسمية مكونة من وحدتين اثنتين؛ المنهج: وهو اسم مكان يفيد في اللغة الطريق والمسلك الواضح، واصطلاحا هو إجراءات نظرية تمكن الباحث من الوصول إلى نتائج معينة. والاجتماعي نسبة إلى علم الاجتماع وهو علم يدرس المجتمع وبنياته وتفاعلاتها. وعليه فالمنهج الاجتماعي هو ذاك المنهج الذي يقارب الإبداع باعتباره نتاجا لشروط الاجتماع البشري.

 

IV- فرضية النص

 

وانطلاقا من تحليلنا للعوان ومعرفتنا بكاتب النص، وطبيعة المعرفة المضمنة في المصدر الذي اقتطف منه النص، ومن بعض المشيرات الداخلية كـ: (المنهج الاجتماعي، النظرية السوسيولوجية، جورج لوكاش، لوسيان غولدمان، الفهم الشرح..)، نفترض أن النص مقالة نقدية تعرف بالمنهج الاجتماعي- أو بالأحرى بتيار من تياراته وهو البنيوية التكوينية خاصة- ماهية ومرتكزات وأعلاما.

 

V- إشكالية النص

 

  • فما القضية الرئيسية التي يتناولها النص ؟
  • وما عناصرها ؟
  • وما إشكاليته ؟
  • وما القضايا الفرعية التي حشدها لتعزيز طرحه ؟
  • وما الخلفيات والأطر النظرية والمعرفية والمنهجية التي استند عليها للإجابة على إشكالية النص ؟

 

VI- قضية النص

 

في بداية حديث الكاتب عن المنهج الاجتماعي، استهل نصه بما يشبه التأريخ الكرونولوجي لهذا المنهج، بدءا بأول من ظهر عنده في تصوره البسيط، وهي دي ستايل قبل أن يتتبع تطوره وتبلوره على يد علماء وفلاسفة آخرين، مفردا تصور غولدمان بالشرح والتفسير من خلال الوقوف عند أهم خمس فرضيات بنى عليها منهجه المطور، قبل أن يختم بشيء من التفصيل حول الإجراءات التطبيقية التي ينتهجها منهج غولدمان أثناء التحليل عبر احترامه لثنائية الفهم والشرح أو التفسير. وإذا كانت هذه هي الفكرة العامة للنص فإنها بدورها تتجزأ إلى العناصر التالية:

نشأة المنهج الاجتماعي وتطوره

المنهج الاجتماعي (يبحث في علاقة النص الأدبي أو الظاهرة الأدبية بالمجتمع) مر بثلاثة مراحل أساسية:

  • النشأة = مع دي ستايل ودي بونالد
  • التطور= هيبوليت تين، ومنهجه طوره لاحقا اسكاربيت
  • النضج= لوكاش وغولدمان

وفي جميع هذه المراحل يعتبر الأدب معبرا قويا عن المجتمع، بل وفي مرحلة من مراحل المنهج انعكاسا له، قبل أن يتحول مع غولدمان إلى التماثل الإيجابي..

المنهج الاجتماعي في تصور لوسيان غولدمان

انبنى هذا التصور لديه على أربع فرضيات :

  • الأولى: النص الأدبي (النص التخييلي) يقربنا من الواقع عبر مقولات ومفاهيم (الأبنية العقلية).
  • الثانية: الأدب يعبر عن مقولات دالة وجماعية (أي أن الأبنية العقلية ليست ظواهر فردية بل ظواهر اجتماعية).
  • الثالثة: النص الأدبي يبني علاقته بالمجتمع على التماثل من جهة والدلالة البسيطة من جهة أخرى.
  • الرابعة: الأدب يمتاز بخاصية الوحدة العضوية التي يستمدها من مقولاته الدالة على المجتمع.

 

VII- تحليل النص

 

1-7/ الإشكالية المطروحة

تدور إشكالية النص حول التعريف بالمنهج الاجتماعي عن طريق الوقوف عند أهم أعلامه خصوصا غولدمان الذي اختزل التحليل الاجتماعي للأدب في مرحلتين. وبصيغة أخرى يبحث النص عن علاقة الأدب بالواقع الاجتماعي مختارا آخر المطاف المنهج الاجتماعي الذي يحاول جعل هذه العلاقة قائمة على الانعكاس الآلي (لوكاش= الجدلي)، والمماثلة (غولدمان= التكوينية).

 

 

2-7/ مصطلحات النص ومفاهيمه

وبالانتقال إلى الجهاز الاصطلاحي/ أو الشبكة المفاهيمية الموظفة في النص، أمكننا جرد جملة من المصطلحات والعبارات، وتصنيفها إلى حقول دلالية، ويمكن تقسيمها إلى حقل المصطلحات والمفاهيم الأدبية والنقدية، ويمثله: (الأدب، العمل الأدبي، الأديب، الناقد، المنهج الاجتماعي، البنيوية التقليدية، الشكل الفني، نقد ودراسة، الفهم والشرح، الوحدة العضوية..) وحقل المصطلحات والمفاهيم الاجتماعية، ومنه: (المجتمع، السياسة، علم الاجتماع، الواقع الاجتماعي، ظواهر اجتماعية، الحياة الإنسانية..).

انطلاقا من الجرد والموازنة بين الحقلين نستطيع القول إن العلاقة الجامعة بينهما علاقة انسجام وترابط، فالأدب يعد وسيلة للتعبير عن المجتمع والمجتمع يشكل خلفية رئيسية ينبني عليها الأدب. أي أنهما في الأخير متفاعلان ينعكس تنعكس تغيرات أحدهما على الآخر وتتجلى فيه.

 

 

3-7/ قضايا النص

وإذا كان الكاتب قد رام تفصيل القول في قضية نقدية تدور حول المنهج الاجتماعي، فإنه قد استدعى قضايا فرعية لغاية إبراز وتوضيح طرحه، وهي جلها قضايا نشأت من صميم المطارحات التي باعثها ترقي المنهج الاجتماعي في مراقي التطور، ولعل أبرزها قضية البنية الدالة: ويقصد بها غولدمان الوحدة والترابط الذي يتميز به العمل الأدبي من خلال وحدة أجزائه الداخلية. استوحاه غولدمان من لوكاش الذي يرى أن العمل الفني يشكل عالما جماليا موحدا، وتمكن من استخلاص مضمون يختزنه النص.

وقضية رؤية العالم: يقصد بها غولدمان الرؤية الشمولية لدى طبقة اجتماعية معينة وبمقتضاها تحدد موقفها الكلي من العالم الذي تعيش فيه. وبناء عليه فالنص الجيد هو الحامل لرؤيا العالم للطبقة التي ينتمي إليها مبدعه.

وقضية الفهم والتفسير: البنيوية التكوينية تنطلق من داخل النص (الفهم) لتنفتح على المرجعيات الخارجية (التفسير). وقضية رفض التفسير النفسي للأدب: وهو موقف تبناه أنصار المنهج الاجتماعي وبمقتضاه نظروا للمنهج النفسي على أنه غير واقعي لاعتماده معطيات يصعب التحقق منها.

 

 

4-7/ الإطار المرجعي

 تحكمت في المنهج الاجتماعي مجموعة من الأطر المرجعية اهمها: علم الاجتماع الماركسي: ورائداه كارل ماركس وفردريك إنجلز اللذان قالا بالصراع بين البنى التحتية (الاقتصاد والإنتاج وكل المظاهر المادية) والفوقية (مجموع المظاهر الفكرية للمجتمع كالدين والأدب) وكون الثانية انعكاسا آليا للأولى (بكل تجلياتها المادية). كما يريانن أن العمل الفني عليه أن يهتم بتصوير الصراع الطبقي في المجتمع بين العمال والبورجوازية، وعلى المبدع أن يعبر عن التحولات التي يعرفها المجتمع بسبب هذا الصراع. وعلم الاجتماع الوضعي: اقترن في الفكر الفلسفي بأوغست كونط الذي تقوم فلسفته على تقديمه للمنهج العلمي القائل:" بأن لا سبيل للمعرفة إلا بالملاحظة والخبرة والوصف التجريبي". ويظهر في النص عند الحديث عن تين ومجهوده في بناء علم للأدب. وعلم النفس الفرويدي: ميز فيه بين الوعي=الشعور واللاوعي= الهو في بناء الشخصية الإنسانية. مقدما بذلك لنقاد الأدب منهجا علميا لدراسة الشخصية المبدعة (الفرضية الخامسة). ثم المرجعية البنيوية: ارتبطت أولا بسوسير كمنهج لغوي قبل أن تتطور مع ياكبسون .. وتعتبر العمل الأدبي مغلقا عن المرجعيات الخارجية.

 

 

5-7/ أساليب العرض

إن معالجة الناقد لهذه القضية النقدية، قد استدعت اتباع خطة منهجية وتفسيرية وحجاجية تظافرت فيها الوسائل التالية، فبخصوص المنهجية التي اتبعها الكاتب في بناء النص، نسجل أنها الطريقة الاستنباطية؛ ذلك لأن الكاتب انتقل من العام (مراحل نشأة المنهج الاجتماعي) إلى الخاص (تصور غولدمان حول المنهج الاجتماعي).

أما فيما يتعلق بالأساليب الحجاجية الموظفة في معالجة أفكار النص فتتعدد وتتنوع لتنوع مقتضيات الخطاب، إذ نجد أسلوب التصنيف التدرجي التصاعدي المبني على الترقيم خاصة في عرض فرضيات غولدمان (الأولى- الثانية ...). وأسلوب التصنيف التاريخي: يظهر من خلال مشيرات (أول- 1800..).  والتعريف: تعريف الفهم والشرح. فضلا عن الشرح والتفسير (وهو ما يسميه، بمعنى أنه) والسرد والوصف والإخبار. والتمثيل: والاكتفاء بذكر بعض أعلام المنهج الاجتماعي، وبالأخص الغربيين، نظرا لكون المنهج ذا جذور غربية، ثم المقارنة بين الفهم والشرح من جهة وغولدمان وباقي أعلام المنهج من جهة أخرى. والاستشهاد: سواء بالمباشرة (قولة بونالد) أو غير مباشر كما في عرض تصور غولدمان.

أما لغة النص فلغة نقدية تتخللها بعض المفاهيم ذات الحمولة الفسلفية والاجتماعية، كون مؤصلي هذا المنهج فلاسفة بالدرجة الأولى، كما تميزت بالتقريرية المباشرة، وهذا يتسم مع طبيعة النص الإخبارية والتفسيرية والإقناعية.

 

IIX-  تركيب وتقويم

 

تأكد بالملموس أن النص مقالة أدبية نقدية، لأن موضوعها ارتكز على المنهج الاجتماعي، ولأنها انبنت على جملة من المصطلحات والمفاهيم والقضايا ذات العلاقة بالمنهج الاجتماعي الذي يبحث في علاقة الأدب بالمجتمع، وتأسست على طريقة منهجية وإطار دقيق (الاستنباط) فضلا عن لغة وأساليب مناسبة مما يكفل للنص اتساقه وانسجامه.

في تقديري للنص قوة تكمن في مدنا بمعطيات حول المنهج الاجتماعي من زاوية رواده، ومن زاوية كيفية رؤيته لعلاقة الأدب بالمجتمع. لكن للنص نقطة ضعف تكمن في عنونة النص بالمنهج بالاجتماعي ما يوحي بأن النص سيعرف به وكأنه منهج واحد، لكن ما إن نتقدم قليلا حتى نجد أن الحديث ركز على تيار من تياراته، وهذا ما يجعل العنوان مخاتلا. فضلا عن تغييب التجربة العربية وعلاقتها بالمنهج الاجتماعي كموضوع من جهة والباحثين والنقاد الذين تصدوا له من جهة ثانية.