اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية
نص مسرحي 3-2
امرؤ القيس في باريس (عبد الكريم برشيد)
الأستاذ: حسن شدادي
الفهرس
I- النص
II- تمهيد
III- دلالة العنوان
IV- إشكالات النص
V- المتن الحكائي
VI- تحليل النص
1-6/ الشخصيات : المواصفات والعلاقات
2-6/ الصراع الدرامي ومظاهره
3-6/ الحوار
4-6/ الزمن
5-6/ المكان
6-6/ الخطاطة السردية
7-6/ الإرشادات المسرحية
8-6/ الأسلوب
VII- تركيب وتقويم
I- النص
امرؤ القيس في باريس
II- تمهيد
ارتبط ظهور المسرح بالمجتمع اليوناني، وقد نشأ بناء على خلفية دينية، ولم ينفك عن إسار الدين إلا في العصر الحديث؛ إذ نزل للواقع ليعيش مشاكله ويجيب عنها انطلاقا من رؤية فنية، وجد طريقه إلى المشهد الثقافي العربي عن طريق الاقتباس والترجمة (البخيل= مارون النقاش) في عصر النهضة، أما في الثقافة المغربية فلم تعرف المسرح إلا في الثلاثينات من القرن الماضي بفعل تأثير الفرق المسرحية العربية الوافدة على المغرب، هذا إذا استثنينا بعض ظواهر التمسرح التي عرفها المغرب..
ويتأسس هذا الفن على ثوابت بنائية أهمها؛ الحوار والشخصيات المتصارعة والزمان والمكان والصراع الدرامي والإرشادات ... ومن خصائصه المعايشة والآنية والديمومة والهدف الأعلى.
وقد بلوره مجموعة من المسرحيين الرواد، مثل: يوسف وهبي، يوسف إدريس، محمود دياب، توفيق الحكيم، سعد الله ونوس، في الشرق والطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج ومحمد الكغاط ويعد عبد الكريم برشيد من أشهر الأسماء التي أغنت الساحة المسرحية المغربية خاصة في شقه الاحتفالي، له العديد من الإنتاجات، منها عنترة في المرايا المكسرة/ ابن الرومي في مدن الصفيح/ الناس والحجارة/ غريب وعجيب/ وامرؤ القيس في مدن الصفيح والذي اقتطف منه النص.
III- دلالة العنوان
جاء عنوان النص تركيبا جملة اسمية بسيطة تتكون من مبتدأ وشبه جملة متعلق بخبر، ودلاليا ينفتح العنوان منذ البداية على المفارقة بين الشخصية والمكان؛ فامرؤ القيس شاعر جاهلي مستهتر، وباريس مدينة غربية حديثة منفتحة على حداثة نوعية متميزة. انطلاقا من الشكل الطباعي للنص، نلاحظ أن يتأسس على الحوار بين ثلاث شخصيات، ووجود بعض النصوص المستقلة عن النص الرئيسي، واستحضارا لدلالة العنوان، وصاحب النص المعروف بالمسرح، إبداعا وإخراجا، نفترض أننا أمام نص إبداعي ينتمي إلى فئة المسرح.
IV- إشكالات النص
- ما الموضوع الذي يعرضه برشيد في هذا النص المسرحي ؟
- وما هي مظاهره الفنية ؟
- وإلى أي حد تمثل هذه المظاهر خصائص الفن المسرحي ؟
V- المتن الحكائي
انطلاقا من تحديدنا للمشهد المسرحي بكونه وحدة بنائية تعلن بدايتها أو نهايتها تحول في الزمان أو المكان أو دخول شخصية أو خروجها من على خشبة المسرح فإن النص الذي بين أيدينا مقطع مسرحي من مشهدين قصيرين، ويتمحوران حول كيفية هروب امرئ القيس ورفاقيه من مدينة باريس بعد أن أصبحت مفتوحة على اللاطمأنينة بسبب الخوف من الموت والاغتيال. إن امرأ القيس الذي جاء لباريس بحثا عن ملك ضائع، اصطدم بأشخاص يحاولون انتزاع الملك منه، لذلك تبدو عزيمته قوية وإرادته صلبة لمواجهة الخصوم والأعداء، دون خوف أو استسلام وإن أفضى ذلك إلى الموت.
تبدو هذه المعطيات بسيطة إذا اكتفينا بها، لأنها تتصل بالجانب الظاهر في النص، لذلك فالمستوى الرمزي ينفتح على الشخصية أولا فيصير امرؤ القيس رمزا لكل إنسان متهاون ومتهور فقد قيمة ثمينة فضاع معها مجده ووضعه الاعتباري، وعلى الفعل ثانيا، فسفر امرؤ القيس لباريس يجسد رمزية الطموح والرغبة المقرونة بالبطولة والمجازفة للوصول إلى المبتغى والهدف مهما كانت العراقيل والحواجز، وعلى الفضاء ثالثا فباريس بمواصفاتها الحديثة تغدو رمزا لكل الفضاءات التي يبحث فيها الإنسان عن تكوين ذاته واستعادة وضعه الاعتباري، أو فضاء يصير طريقا للوصول لمل ضاع منه، رغم كل مظاهر المعاناة والقلق والتيه..
VI- تحليل النص
1-6/ الشخصيات : المواصفات والعلاقات
حركت أحداث المسرحية مجموعة من القوى الفاعلة التي يمكن التمييز فيها بين الشخصيات الآدمية التي تنوعت بين رئيسية وثانوية حيث مثل كل من امرئ القيس وعامر وبابلو الأولى، فيما مثل الثانية القتلة المسلحون، الشعب، الأوباش. وسنقف عند الأولى لأهميتها ومحدوديتها، فامرؤ القيس رجل شاب وأمير ابن ملك يسعى لاسترداد ما ضاع منه من ملك، حائر ومعذب، مغامر وشجاع وتائه.. أما عامر فتابع وخادم مخلص أصيب بالعور، خائف بقوة ومتعب وتائه قلق.. وبابلو رجل متقدم في السن وخبير ومقاوم وهادئ جدا وواثق من نفسه وحكيم.. وغير آدمية: فكرة استرداد الملك، الخوف، القلق، التوتر، الشجاعة، سعادة الشعب، المخابئ، باريس، المطاردة......
وبمقدور النموذج العاملي أن يحدد طبيعة العلاقة الموجودة بين هذه العوامل انطلاقا من محاوره الثلاثة، فإذا ما اعتبرنا امرأ القيس ذاتا موضوعه استرجاع ملكه الضائع، فإن العامل المرسل هو سعادة الشعب وأمنه والبحث عن حليف، والمرسل إليه المستفيد من استحصال الذات لموضوعها هو امرؤ القيس ذاته وشعبه. فيما تجلى العامل المساعد في عامر وبابلو وقوة العزيمة والشجاعة، والعامل المعارض في القتلة والمجرمين. وقد انتهى امرؤ القيس إلى الانفصال عن موضوعه.
VI- تحليل النص
2-6/ الصراع الدرامي ومظاهره
مظاهر الصراع
إن الاختلاف بين الشخصيات نابع من صراعها الذي يتخذ مستويات مختلفة وهو ما يعرف بأبعاد الصراع الدرامي، بدءا بـ:
البعد الاجتماعي للصراع
المتمثل في التباين بين قوتين فاعلتين، إحداهما تطمح للحكم والسيطرة على المجتمع (امرؤ القيس) والثاني ترغب في إثارة الانتباه إلى ضرورة حسن تدبير السلط (بابلو)، والثالث الاكتفاء بالتبعية والخنوع والعبودية العوراء (عامر).
البعد النفسي للصراع
المتجلي في وضعية نفسية أساسها الخوف والحيرة والقلق من خوض المغامرة والمواجهة (عامر) ووضعية قوامها الشجاعة والطموح والتحدي (امرؤ القيس)
البعد الفكري للصراع
المتجلي في صراع بين فكرين؛ الأول أساسه الخضوع للمتعارف عليه اليومي والبسيط والمحدود.. (عامر) والثاني قوامه التمرد على الزمان المحدود والمكان والاتجاهات والحياة والموت (امرؤ القيس)..
VI- تحليل النص
3-6/ الحوار
تتطور أحداث المسرحية بالحوار الذي يدور بين شخصياتها، وقد تنوع في النص إلى حوار خارجي مباشر وهو المهيمن، صورت من خلاله الشخصيات حالتها النفسية في علاقاتها ببعضها وعلاقتها بباقي الموجودات كالآخر والزمان والمكان والمبادئ التي تؤمن بها، وإلى حوار داخلي أجراه امرؤ القيس مع ذاته وقد أفصح عن تضحية امرؤ القيس بنفسه من أجل حياة هنية لشعبه، ويظهر أنه عمل بنصيحة بابلو ..
ووظيفة الحوار في النص هو إعطاء فرصة للشخصيات للتعبير عن مشاعرها ومواقفها..
VI- تحليل النص
4-6/ الزمن
أما المؤشرات الزمنية التي تؤطر أحداث النص فهي على قلتها ومحدوديتها تساعد على تتبع الأحداث واستكناه خصائصها وأبعادها الفنية والدرامية، ومن أمثلتها: في أي يوم نحن؟ نصف حياة" وتتميز بأمنها غير محددة المعالم، ومع ذلك نستطيع القول إنه تم التركيز على ثلاث لحظات في يوم واحد: لحظة خاصة من زمن البحث عن الملك والحليف، ولحظة المطاردة، ولحظة الرغبة في الرحيل خوفا من موت محقق..
VI- تحليل النص
5-6/ المكان
وبالوقوف عند بعض المؤشرات الخاصة بالمكان الذي تقع ضمنه أحداث المسرحية نجد أنها ترتكز على مكانين أساسيين باعتبارهما مكانين فعليين، أولهما مكان عام يتجلى في باريس التي انفتحت على اللاطمأنينة والقلق والتيه، والثاني مكان خاص يتمثل في غرفة إقامة عامر وامرؤ القيس، وهو فضاء مفتوح على الاضطراب والخوف والفوضى.. فيما تحضر أماكن أخرى من خلال حوار الشخصيات كـ: العالم، مخابئ المقاومة، ضيعة..
VI- تحليل النص
6-6/ الخطاطة السردية
بني النص وفق بناء متسلسل يغلب عليه تعاقب الأحداث وهو ما يمكن تبينه في الخطاطة التالية:
- وضعية البداية: دخول عامر الأعور على امرئ القيس وهو يقود خلفه عامر الأعور، وهو بداية دينامية.
- العنصر المخل: طلب عامر وبابلو من امرئ القيس الرحيل العاجل لوجود قتلة في باريس يتعقبونه.
- العقدة: وتمثلها الأحداث المتعاقبة.
- عنصر الانفراج: انفصال عامر عن امرئ القيس وإصرار الأخير على إتمام الطريق وحيدا.
- وضعية النهاية: مقتل امرئ القيس على يد المسلحين، وهي نهاية مأساوية حزينة. والعلاقة بين البداية والنهاية هي علاقة مشابهة لأنهما تميزا بعدم التوازن.
VI- تحليل النص
7-6/ الإرشادات المسرحية
ولعل ما يميز المسرحية هو الإرشادات المسرحية وهي نصوص مستقلة عن الحوار، لأنها توضع بين قوسين، وترتبط بالنص المسرحي لأنها أثناء العرض تتحول إلى علامات ورموز وإشارات وحركات.. وتدل على عناصر الفعل المسرحي، مثل: الشخصيات (الممثل) في أفعالها وأصواتها وحركاتها وتصرفاتها وملامحها، والديكور (الديكور، الحقائب، الحصان، صوت طلقات) والإنارة (بقعة الضوء).
VI- تحليل النص
8-6/ الأسلوب
تميز أسلوب النص بخصائص فرضها البناء الدرامي له والمعتمد على الحوار من بدايته إلى نهايته، لعل أهمها؛ المزاوجة بين جمل قصيرة وأخرى طويلة، وتوظيف مفردات مستمدة من مرجعيات نفسية واجتماعية وسياسية، فضلا عن الحضور المكثف لأسلوب الاستفهام، واستثمار مفارقات لغوية (موت= حياة/ شمال= جنوب)..
VII- تركيب وتقويم
ينتمي النص إلى مجال الفن المسرحي، لأنه يتأسس على الحوار حول استرجاع ملك ضائع، يدور بين ثلاث شخصيات في فضاء باريس خلال يوم واحد، وهو ما فرض إرشادات مسرحية توجيهية للقارئ، وبناء لغويا وأسلوبيا للبناء الدرامي المبني على الحوار، من خلالها تمت معالجة قضية اجتماعية تؤطرها أبعاد نفسية وسياسية تفسرها علاقة الشرق بالغرب، وهي علاقة صراع تاريخي، توحي بأن الغرب (بيزنطة مع امرئ القيس) لا يمكن أن ينفعنا، وهذا ما توحي إليه رمزية امرئ القيس التاريخية في علاقته بأمير بيزنطة الروماني.