اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية
المسرحية - نص نظري 3-2
سمات النص المسرحي (فرحان بلبل)
الأستاذ: حسن شدادي
الفهرس
I- النص
II- تمهيد
III- دلالة العنوان
IV- فرضية النص
V- إشكالات النص
VI- قضية النص
VII- تحليل النص
1-7/ الإشكالية المطروحة
2-7/ مفاهيم النص ومصطلحاته
3-7/ القضايا الفرعية للنص
4-7/ الأطر المرجعية
5-7/ الإطار المنهجي للنص
6-7/ البنية اللغوية والأسلوبية للنص
IIX- تركيب وتقويم
I- النص
سمات النص المسرحي
II- تمهيد
المسرح فن درامي قديم، نشأ في أجواء دينية وثنية مع الحضارة اليونانية القديمة ويعد أرسطو من أقدم الفلاسفة الذين درسوا هذا النمط من الفن من خلال كتابه فن الشعر، فقسم أنماطه إلى ملهاة ومأساة. واعتبر وظيفته الأساس في التطهير. وبعد أرسطو تألق كتاب آخرون في هذا الفن كشكسبير وبريخت وموليير. وظهر عند العرب بفعل المثاقفة مع الغرب، وأول من استعاره من الغرب مارون النقاش في ترجمته لمسرحية البخيل لموليير. غير أن هناك من حاول تأصيل هذا الفن في التراث العربي انطلاقا من ممارسات مسرحية أو مظاهر ممسرحة فطرية لا تشبه بالضرورة المسرح الغربي (خيال الظل، الحلقة، سلطان الطلبة، الحكواتي..).
يقوم المسرح على ثنائية النص والعرض ويتأسس على الحوار، ويتميز عن الفنون السردية الأخرى بخاصيات؛ الصراع الدرامي والإرشادات المسرحية، وانبناء أحداثه على الحوار. وإذا كان الخطاب المسرحي قد فرض نفسه على الساحة الأدبية بفضل تراكم إنتاجات رواده الأوائل كمارون النقاش ويعقوب صنوع وتوفيق الحكيم وباكثير، فقد عرف دراسات نقدية وتحليلية وتنظيرية عبر تاريخه العربي والغربي. ولعل من أبرز نقاده العرب: نبيل حجازي، وحسن المنيعي، عز الدين المدني، عبد الرحمن المدني، علي الراعي، فرحان بلبل، وهو أديب وباحث ومسرحي سوري – ارتبط مساره المهني تنظيرا وبحثا وإخراجا – جمع بين الإبداع والنقد المسرحي، ومن إنتاجاته: المسرح العربي في مواجهة الحياة/ المسرح السوري في مائة عام/ أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي/ النص المسرحي للكلمة والفعل.
III- دلالة العنوان
ورد العنوان مركبا اسميا من مبتدأ "سمات" وهو مضاف، ومضاف إليه "النص" ونعث تابع لمنعوته في الجر "المسرحي"، فيما الخبر مقدر بموضوع النص، ودلاليا يتمحور العنوان حول أمرين: الأول جنس أدبي مكتوب يتميز عن باقي الأجناس الأخرى بخصائص نوعية كالرواية والقصة والشعر، كما يخضع لضوابط، تجعله قريبا من هذه الأجناس ومختلفا عنها في الآن ذلته، والثاني مرتبط بمميزات وخصائص هذا الجنس الأدبي (سمات).
IV- فرضية النص
وانطلاقا من العنوان السابق ومن بعض المشيرات الأخرى، كصاحب النص المعروف بالمسرح إبداعا وتنظيرا، وبعض المشيرات الداخلية الأخرى، مثل: (أول سمات النص المسرحي، ثالث سمات النص المسرحي، التأليف والعرض.. ) نفترض أن النص مقالة أدبية -لأنها تعالج جنسا أدبيا- تتمحور قضيته حول فن المسرح سماته ومميزاته.
V- إشكالات النص
- فما هي قضية النص العامة وعناصرها ؟
- وما مميزات وسمات النص المسرحي انطلاقا من النص ؟
- وما إشكالية النص ؟
- ثم ما المفاهيم والمصطلحات والقضايا الموظفة في الجواب على إشكاليته ؟
- وما المفاهيم والمصطلحات والقضايا الفرعية الموظفة للإجابة على إشكاليته ؟
- وما الطريقة المعتمدة والأساليب الحجاجية الموظفة في عرض أفكاره والإقناع بها ؟
VI- قضية النص
يتناول النص قضية أدبية عامة تتمحور حول خصائص ومميزات النص المسرحي التي تجعله نصا فريدا وخاصا، وقد حدد هذه السمات، في (المعايشة- الآنية/ الديمومة/ الهدف الأعلى)، ويرى أن هذه السمات الأربع هي التي تشكل جوهر النص المسرحي. فضلا عن علاقة هذه السمات أو بالأحرى بعضها بقضايا التجديد والتجريب في الفعل المسرحي. ويمكن تفريع هذه القضية إلى العنصرين التاليين:
العنصر الأول ويهم سمات النص المسرحي منفصلة عن بعضها: وأولها المعايشة: وهي سمة جوهرية ومركزية في الفعل المسرحي/ تواكب القضايا المجتمعية والتاريخية/ ترصد الصعوبات والإكراهات التي يجابهها الإنسان/ ترتكز على مبدأ الصدق الفني في التقاط تفاصيل واقع اجتماعي معين. ثم الآنية: وهي امتداد لسمة المعايشة/ مواجهة المشاكل الراهنة والآنية/ الفهم العميق لقضايا العصر والارتباط بجوهرها وروحها/ مراعاة طرق الكتابة وأصولها وما عرفت من تغييرات بناء تغييرات الواقع. ثم الديمومة: وهي امتداد للآنية وتضمن للمسرحية بقاءها. ثم آخرها الهدف الأعلى: وهي الفكرة المحورية والجوهرية التي يريد المسرحي إبرازها/ العنصر المؤثر على المتفرج/ الفكرة المرتبطة بقضايا مجتمعية مؤثرة ومأساوية وتعبر عن العصر والمتلقي بطريقة فنية وفكرية.
العنصر الثاني ويهم التجديد والتجريب في تاريخ المسرح وعلاقته بالسمات المتقدمة والفنون الأخرى: فسمات النص المسرحي السابقة بقدر تركها آثارا حاسمة على المتلقي تترك آثارها على النص المسرحي الذي يفقد قيمته.
كما تعد من أعتى أدوات التطوير في المسرح حتى يرتبط بواقعه، ويطور نفسه وذوق متلقيه. والمحافظة على هذه السمات رهين باختراع الكاتب أسلوبا جديدا يعكس الذوق الجمالي للعصر ويرتبط بمشاكله. كما أن سرعة التحولات الاجتماعية يستتبع سرعة في تجريب أشكال مختلفة في التأليف المسرحي. يستتبع ذلك ضرورة انطلاق المسرحي من وعي بالذائقة الجمالية لعصره بالرجوع إلى أنماط الفنون الأخر وخاصة الشعر.. وبخصوص تأثير المسرح على الشعر والنحت والرسم ليصبح فنا أصيلا مطمح لم يتحقق بعد في الثقافة العربية.
VII- تحليل النص
1-7/ الإشكالية المطروحة
تتمحور إشكالية النص حول ثنائية الهدم والبناء باعتبارها خاصية من خصائص التأليف المسرحي. وهذه الإشكالية تغدو مدعاة للتجريب المسرحي ما دام التجريب يعني البحث عن وسائل جديدة تغاير الوسائل الفنية السائدة، أي هو هدم القديم وبناء الجديد. ولكي يواكب المسرح الأوضاع المتغيرة اجتماعيا وسياسيا وفكريا لا بد من التجريب.
VII- تحليل النص
2-7/ مفاهيم النص ومصطلحاته
يحفل النص بمجموعة من المصطلحات والمفاهيم المتنوعة والمتعددة، والتي يمكن تصنيفها انطلاقا من مرجعيات متنوعة، منها المرجعية الأدبية، ومن عيناتها: (المسرح، الأدب، الشعر، الفن التشكيلي، الرواية..) ثم المرجعية النقدية سواء كانت عامة: الذائقة، الجمالية، النقد، الحكاية، التعبير... أو خاصة بالمسرح: الاتجاهات، المذاهب، المعايشة، الآنية، الخشبة، المتفرج، المخرج... ثم المرجعية الاجتماعية: (الواقع الاجتماعي، مشاكل العصر، مشكلة، القضية، المجتمع، النزعات الإنسانية..) إن العلاقة بين الحقلين هي علاقة تكامل وانسجام؛ يبرر حضور حقل الأدب في النص، كون المسرح جنسا جامعا لمجموع من الفنون الأدبية وأبا لها. أما النقد فلكونه يوجه العملية الأدبية برمتها ويحاول رسم حدود ومعالم لها لغاية التهذيب والتشذيب لكي تؤدي وظيفتها الجمالية والنفعية. كما يرتبط الحقل الثالث بالسابقين بكون الواقع الاجتماعي يشكل المرجعية والخلفية الاجتماعية للخطاب المسرحي، منه ينطلق وإليه يعود.
VII- تحليل النص
3-7/ القضايا الفرعية للنص
وقد تفرعت عن هذه الإشكالية بعض القضايا النقدية، نذكر منها ما يلي: قضية التعريف بسمات النص المسرحي: وتتجلى في النص من خلال إبراز الكاتب السمات الأربع المميزة له (المعايشة/ الآنية/ الديمومة/ الهدف الأعلى). وقضية علاقة المسرح بالواقع الاجتماعي: يظهر في النص في اعتبار الكاتب الفن المسرحي فنا واقعيا واجتماعيا، يلتزم الكاتب دائما بقضايا واقعه المعاش. وقضية علاقة المسرح بالفنون الأخرى: وتتجلى في إبراز الكاتب للطابع الشمولي للمسرح الذي يصهر مجموعة من الفنون. ثم قضية التجريب والتجديد في المسرح: وتتجلى في رغبة المسرحيين في مواكبة المستجدات الاجتماعية والفنية والأدبية والعلمية كذلك، وبالتالي يحافظون على سمات النص المسرحي. فتحافظ النصوص المسرحية على ألقها وديمومتها.
VII- تحليل النص
4-7/ الأطر المرجعية
استند الكاتب في عرضه لإشكالية النص والقضايا المتفرعة عنها إلى عدة مرجعيات منها: علم الاجتماع الأدبي: استند الكاتب لعلم الاجتماع بشكل كبير من خلال وقوفه عند سمة المعايشة التي بمقتضاها يتحدث الفن باسم المجتمع. ثم علم النفس: ويتجلى في حديث الكاتب عن الآنية وخاصة حديثه عن العواطف والنزعات الإنسانية الخالدة. ونظرية التلقي لصاحبيها ياوس وإيزر ومن تجلياتها في النص إ شارة الكاتب إلى المتفرج والقارئ ودوره في مشاركة الآخرين بناء الرأي والتصور... الذائقة. ثم نظرية الأجناس الأدبية: تتجلى في النص عند مقاربة الكاتب بين الفن المسرحي وفن الشعر والرواية فهو جماع الفنون.
VII- تحليل النص
5-7/ الإطار المنهجي للنص
تبنى الكاتب في معالجته لموضوعه، منهجا استقرائيا انتقل بمقتضاه من الخاص (سمات النص المسرحي) إلى العام (المسرح جماع الفنون).
هذا التصميم المحكم عززه الكاتب بمجموعة من الأساليب الحجاجية، منها؛ أسلوب التصنيف القائم على الترقيم التصاعدي، ثم أسلوب التأريخ: من خلال إشارات زمنية إلى فترات تاريخية/ وأسلوب الاستشهاد الاستدلالي (قولة ستانلافسكي) / وأسلوب المقارنة سواء بين المسرح وغيره من الفنون، أم بين سماته/ وأسلوب الحصر والتصنيف من خلال وضع سمات النص المسرحي بين قوسين. وأسلوب التعريف (تعريف المعايشة والآنية والديمومة)، والسرد (أول سمات النص المسرحي.. الجملة الأولى في النص)، والوصف (تحتفظ ببهائها وعظمتها..)، والإضراب (بل وبمراميها ...)، والتفسير (أن يتحدث عن مشاكل عصرنا ...).
VII- تحليل النص
6-7/ البنية اللغوية والأسلوبية للنص
تميزت لغة النص بكونها لغة أدبية مباشرة ووصفية واضحة، تميل إلى توظيف مفردات لغوية وتكرارها. ويتأسس على بلاغة الإقناع الشيء الذي فسح المجال لطغيان وغلبة الجمل الخبرية. كما عمل الكاتب على جعل نصه متسما بالاتساق والتماسك من خلال الروابط اللفظية والمعنوية والإشارات والموصولات والتكرار والإحالات... وهذه الوسائل ساهمت في انتظام النص وانسجامه سعيا وراء إثبات صحة أطروحة الكاتب النقدية التي تروم تأصيل الفن المسرحي في المجتمع العربي.
IIX- تركيب وتقويم
نستخلص مما سبق أن النص مقالة أدبية لأنها انصبت على مقاربة نظرية لمميزات النص المسرحي وسماته الكبرى، وفق منطق فني وفكري أساسه وحدة الموضوع، ومحوره مصطلحات ومفاهيم أدبية ونقدية (مسرحية) ومنطلقه البناء المنهجي الاستقرائي، وقوامه لغة وأساليب منسجمة مع خصوصيات النص المقالي مما ساهم في اتساق النص وانسجامه.
في تقديري إن النص امتلك مظاهر الكتابة المقالية واستوفى شروطها من جهة، وأبرز لنا أهم خصائص الفعل المسرحي التي تساهم في نجاحه أو سقوطه من جهة ثانية، وإن كان الكاتب أشار إلى سمة مسرحية لكنه تجاوزها ولم يتحدث عنها بعدما أدمجها في الثانية.