اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية
المؤلفات 2-2 : اللص والكلاب لنجيب محفوظ
المنظور الأول : تتبع الحدث
الأستاذ: حسن شدادي
الفهرس
I- المتن الحكائي للرواية
II- الحبكة
III- الرهان
VI- دلالات وأبعاد الحدث
I- المتن الحكائي للرواية
تحكي رواية اللص والكلاب قصة "سعيد مهران" الذي دخل السجن وخرج منه في عيد الثورة، بعد أن قضى فيه أربع سنوات غدرا ، دون أن يجد أحدا في انتظاره، ويقرر بعدها الذهاب إلى منزل "عليش" لاسترجاع ابنته "سناء" وماله وكتبه، غير أنه فشل في ذلك، فاسودت الدنيا في وجهه أكثر عندما نفرت منه ابنته ورفضت معانقته، كونها لا تعرفه.
وللتخفيف من حدة الانفعال وإحياء لبعض ذكريات ماضيه، قرر الاستقرار مؤقتا برباط "علي الجنيدي"، الذي قضى عنده ليلته الأولى بعد السجن، ولكن روحانية المكان وطقوسه الخاصة وأجوبة "علي الجنيدي" العامة والمغرقة في الروحانيات والرمزيات جعلت "سعيد" لا يرتاح كثيرا للإقامة بهذا المكان المليء بالمنشدين والمريدين، لذلك قرر اللقاء بأستاذه "رؤوف علوان"؛ الصحفي الناجح الذي صار من الأغنياء قَصد تشغيله معه في جريدة "الزهرة"، فاتجه بداية إلى مقر الجريدة، ثم بعد ذلك نحو فيلا "رؤوف"؛ وهناك سيفاجأ "سعيد مهران" بفكر جديد لأستاذه الذي أصبح يقدس المال ولا يكترث للمبادئ والقيم النضالية التي كان يؤمن بها، كما سيفاجأ برغبته في إنهاء علاقته به، خاصة عندما رفض طلب تشغيله، وأعطاه مبلغا من المال ليدير شؤون حياته بمفرده بعيدا عنه، مما اضطر "سعيد مهران" إلى التفكير في الانتقام منه، فقرر العودة إلى فيلته في تلك الليلة لسرقتها، لكنه وجد "رؤوف علوان" في انتظاره، لأنه عليم بأفكار تلميذه، فهدده بالسجن واستعاد منه النقود وطرده من البيت.
خرج سعيد ليلتها مهزوما ومشاعر الحقد والانتقام تغلي في دواخله، فلقد اكتمل عقد الخيانة، وباكتماله تبدأ رحلة الانتقام، واسودت الدنيا في وجهه أكثر، فلم يجد ملاذا أفضل من مقهى "المعلم طرزان" الذي لم يتردد لحظة في إهدائه مسدسا سيكون له دور كبير في مسلسل الانتقام، وفي ذات المكان سيلتقي ب "نور" التي بدورها، ولدافع حبها الشديد له مذ كان حارسا لعمارة الطلبة، ستوفر له المأوى والطعام والشراب والجرائد وتساعده في سرقة السيارة.
توفرت لسعيد شروط الانتقام "المسدس والسيارة"، ذهب مباشرة لقتل "عليش" في منزله، لكنه أطلق النار على "حسين شعبان" الرجل البريء الذي اكترى شقة "عليش" بعد رحيله، لكن "سعيد مهران" لم ينتبه لذلك ولم يعرف خطأه حتى اطلع على الجرائد، وفي خضم هذه الأحداث استغلت جريدة " الزهرة" الأوضاع وبدأت بقلم "رؤوف علوان" تبالغ في وصف جرائم "سعيد مهران" وتنعته بالمجرم الخطير الذي يقتل بدون وعي، الشيء الذي سيشعل نار الغضب في قلب "سعيد"، فقرر قتل "رؤوف" خاصة بعدما ساعدته "نور " في الحصول على بذلة عسكرية، فيستهل انتقامه بالقبض على "المعلم بياظة" بهدف معرفة الإقامة الجديدة ل"عليش" ونبوية، لكن لم يحصل منه على ما يريد.
عاد "سعيد" إلى بيت "نور" ثم ارتدى بذلته العسكرية، واستقل سيارة أجرة، ثم اكترى قاربا صغيرا ليتجه صوب قصر "رؤوف علوان" للانتقام منه، وفور نزوله من سيارته أطلق سعيد مهران عليه النار، لكن رصاصات الحراس السريعة والكثيرة جعلته يخطئ هدفه، فأصاب بوابا بريئا بدل غريمه، وأثناء اطلاعه على الجرائد التي أمدته بها "نور" تعرف على خطئه فشعر بندم شديد، واسودت الدنيا في وجهه مرة أخرى.
مع استمرار جريدة الزهرة في تحريض الرأي العام ضده، انتهت حياة سعيد في مقبرة بعد أن حاصرته الشرطة، وأطلقت عليه الرصاص من كل جانب، فاستسلم بلا مبالاة، وحلت بالعالم حال من الغرابة والدهشة.
II- الحبكة
تعد الحبكة النسيج الذي يرصد الأحداث في اتصالها وانفصالها واتجاهاتها، وتنقسم إلى تقليدية تتوالى فيها الأحداث بشكل متسلسل، وأخرى مفككة لا تخضع لتسلسل منطقي، ويبدو أن الحبكة المعتمدة في رواية اللص والكلاب تقليدية، بدليل قيامها على الأسباب المؤدية إلى النتائج، فكل حدث فيها يؤدي إلى حدث آخر، وهكذا تقوم الأحداث على مجموعة من الأسباب، فالخيانة التي تعرض لها سعيد دفعته للانتقام، واكتراء "حسين شعبان" منزل "عليش" جعلت الرصاصة تصيبه، ووشاية عليش ونبوية جعلت سعيدا يدخل السجن....
III- الرهان
نقسم الرهان دائما إلى رهان المحتويات، ويتأسس حول الشخصيات والموضوعات المتنازع عليها، ورهان الخطاب ويتأسس على علاقة المؤلف مع المتلقي" أو علاقة النص مع المتلقي، وإذا عدنا إلى متن "اللص والكلاب"، وجدنا أن رهان المحتوى الذي له علاقة بالشخصيات يتراوح بين الفشل والنجاح، فسعيد مهران يفشل في تحقيق رهانه الكلي المتمثل في تحقيق مشروعه النضالي وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويتراجع عن هذا الرهان إلى رهان آخر جزئي وهو الانتقام من خصومه دون أن يحققه، بخلاف غريمه "رؤوف علوان" الذي استطاع تحقيق رهانه المتجسد في الحصول على الثروة وإن كان بطريقة وصولية انتهازية.
أما رهان الخطاب أو النص ككل، فيمكن حصره في كون المحاولات الفردية لتغيير الواقع مآلها الفشل، فلا يمكن لفرد مهما أوتي من ذكاء وعزيمة وإصرار أن يغير واقع مجتمع مهما كان الواقع مأساويا وظالما، فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم.
VI- دلالات وأبعاد الحدث
إن كل الإشارات التاريخية التي وردت داخل مؤلف اللص والكلاب، تشير إلى أن الرواية لها علاقة بواقع مصر السياسي والاجتماعي لما بعد الثورة المصرية سنة1952م، ومن هذا المنطلق أمكن لنا أن نقول ومن خلال الأحداث التي وقعت لسعيد مهران، والذي وجد نفسه فجأة يعاني من تفكك أسري وحزبي، إن رواية اللص والكلاب رواية تستهدف بأبعادها كشف واقع مصري يعاني معاناة اجتماعية ونفسية، نتيجة السلوك الانتهازي لبعض الأفراد الذين غيروا قناعاتهم النضالية ومواقفهم، استجابة لمتغيرات نهاية مرحلة الخمسينيات والستينيات، ونتيجة لإرضاء مآربهم الشخصية، ودمروا بمواقفهم المتغيرة أسرا كثيرة، وحكموا على الشعب بشكل عام بالفقر والجوع والقلق الوجودي والروحي.